وَالْفَتْوَى عَلَى الْأَوَّلِ، وَهَذَا إذَا كَانَا نَقْدَيْنِ؛ فَإِنْ كَانَتْ الْحِنْطَةُ نَسِيئَةً جَازَ أَيْضًا، وَإِنْ كَانَ الْخُبْزُ نَسِيئَةً يَجُوزُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ ﵀، وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، وَكَذَا السَّلَمُ فِي الْخُبْزِ جَائِزٌ فِي الصَّحِيحِ، وَلَا خَيْرَ فِي اسْتِقْرَاضِهِ عَدَدًا أَوْ وَزْنًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ ﵀ لِأَنَّهُ يَتَفَاوَتُ بِالْخُبْزِ وَالْخَبَّازِ وَالتَّنُّورِ وَالتَّقَدُّمِ وَالتَّأَخُّرِ.
وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ ﵀ يَجُوزُ بِهِمَا لِلتَّعَامُلِ، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ ﵀ يَجُوزُ وَزْنًا وَلَا يَجُوزُ عَدَدًا لِلتَّفَاوُتِ فِي آحَادِهِ.
وَالْحِنْطَةُ مَكِيلَةٌ فَاخْتَلَفَ الْجِنْسَانِ وَجَازَ التَّفَاضُلُ (وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى) وَرُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ لَا خَيْرَ فِيهِ: أَيْ لَا يَجُوزُ، وَالتَّرْكِيبُ لِلْمُبَالَغَةِ فِي النَّهْيِ؛ لِأَنَّهُ نَكِرَةٌ فِي سِيَاقِ النَّفْيِ فَتَعُمُّ نَفْيَ جَمِيعِ جِهَاتِ الْخَيْرِ، وَإِنْ كَانَ الثَّانِي فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ تَكُونَ الْحِنْطَةُ وَالدَّقِيقُ نَسِيئَةً أَوْ الْخُبْزُ، فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ جَازَ؛ لِأَنَّهُ أَسْلَمَ مَوْزُونًا فِي مَكِيلٍ يُمْكِنُ ضَبْطُ صِفَتِهِ وَمَعْرِفَةُ مِقْدَارِهِ. وَإِنْ كَانَ الثَّانِي جَازَ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ ﵀؛ لِأَنَّهُ أَسْلَمَ فِي مَوْزُونٍ وَلَا يَجُوزُ عِنْدَهُمَا لِمَا نَذْكُرُ.
قَالَ الْمُصَنِّفُ (وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ) وَهَذَا يُغْنِي عَنْ قَوْلِهِ وَكَذَا السَّلَمُ فِي الْخُبْزِ جَائِزٌ فِي الصَّحِيحِ: يَعْنِي قَوْلَ أَبِي يُوسُفَ، وَإِنَّمَا كَانَ الْفَتْوَى عَلَى ذَلِكَ لِحَاجَةِ النَّاسِ، لَكِنْ يَجِبُ أَنْ يُحْتَاطَ وَقْتُ الْقَبْضِ حَتَّى يَقْبِضَ مِنْ الْجِنْسِ الَّذِي سَمَّى لِئَلَّا يَصِيرَ اسْتِبْدَالًا بِالْمُسْلَمِ فِيهِ قَبْلَ الْقَبْضِ، وَلَا خَيْرَ فِي اسْتِقْرَاضِهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ عَدَدًا أَوْ وَزْنًا؛ لِأَنَّهُ يَتَفَاوَتُ بِالْخُبْزِ مِنْ حَيْثُ الطُّولُ وَالْعَرْضُ وَالْغِلَظُ وَالرِّقَّةُ، وَبِالْخَبَّازِ بِاعْتِبَارِ حِذْقِهِ وَعَدَمِهِ، وَبِالتَّنُّورِ فِي كَوْنِهِ جَدِيدًا فَيَجِيءُ خُبْزُهُ جَيِّدًا أَوْ عَتِيقًا فَيَكُونُ بِخِلَافِهِ، وَبِالتَّقَدُّمِ وَالتَّأَخُّرِ فَإِنَّهُ فِي أَوَّلِ التَّنُّورِ لَا يَجِيءُ مِثْلَ مَا فِي آخِرِهِ، وَهَذَا هُوَ الْمَانِعُ عَنْ جَوَازِ السَّلَمِ عِنْدَهُمَا. وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يَجُوزُ اسْتِقْرَاضُهُ عَدَدًا وَوَزْنًا، تُرِكَ قِيَاسُ السَّلَمِ فِيهِ لِلتَّعَامُلِ، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يَجُوزُ وَزْنًا وَلَا يَجُوزُ عَدَدًا لِلتَّفَاوُتِ فِي آحَادِهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute