وَبِخِلَافِ الْأَجْنَبِيِّ لِأَنَّهُ لَا يُعْبَأُ بِقَوْلِهِ فَلَا يَتَحَقَّقُ الْغُرُورُ.
وَنَظِيرُ مَسْأَلَتِنَا قَوْلُ الْمَوْلَى بَايِعُوا عَبْدِي هَذَا فَإِنِّي قَدْ أَذِنْت لَهُ ثُمَّ ظَهَرَ الِاسْتِحْقَاقُ فَإِنَّهُمْ يَرْجِعُونَ عَلَيْهِ بِقِيمَتِهِ، ثُمَّ فِي وَضْعِ الْمَسْأَلَةِ ضَرْبُ إشْكَالٍ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ ﵀، لِأَنَّ الدَّعْوَى شَرْطٌ فِي حُرِّيَّةِ الْعَبْدِ عِنْدَهُ، وَالتَّنَاقُضُ يُفْسِدُ الدَّعْوَى. وَقِيلَ إذَا كَانَ الْوَضْعُ فِي حُرِّيَّةِ الْأَصْلِ فَالدَّعْوَى فِيهَا لَيْسَ بِشَرْطٍ عِنْدَهُ لِتَضَمُّنِهِ تَحْرِيمَ فَرْجِ الْأُمِّ. وَقِيلَ هُوَ شَرْطٌ لَكِنَّ التَّنَاقُضَ غَيْرُ مَانِعٍ لِخَفَاءِ الْعَلُوقِ وَإِنْ كَانَ الْوَضْعُ فِي الْإِعْتَاقِ فَالتَّنَاقُضُ لَا يَمْنَعُ لِاسْتِبْدَادِ الْمَوْلَى بِهِ
مَا قَالَهُ عَامَّةُ الْمَشَايِخِ إنَّ الدَّعْوَى لَيْسَتْ بِشَرْطٍ فِيهَا عِنْدَهُ لِتَضَمُّنِهِ تَحْرِيمَ فَرْجِ الْأُمِّ؛ لِأَنَّ الشُّهُودَ فِي شَهَادَتِهِمْ مُحْتَاجُونَ إلَى تَعْيِينِ الْأُمِّ وَفِي ذَلِكَ تَحْرِيمُهَا وَتَحْرِيمُ أَخَوَاتِهَا وَبَنَاتِهَا، فَإِنَّهُ إذَا كَانَ حُرَّ الْأَصْلِ كَانَ فَرْجُ الْأُمِّ عَلَى مَوْلَاهُ حَرَامًا وَحُرْمَةُ الْفَرْجِ مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى، وَالدَّعْوَى لَيْسَتْ بِشَرْطٍ كَمَا فِي عِتْقِ الْأَمَةِ، وَإِذَا لَمْ تَكُنْ الدَّعْوَى شَرْطًا لَمْ يَكُنْ التَّنَاقُضُ مَانِعًا. وَالثَّانِي مَا قَالَهُ بَعْضُ الْمَشَايِخِ: إنَّ الدَّعْوَى وَإِنْ كَانَتْ شَرْطًا فِي حُرِّيَّةِ الْأَصْلِ أَيْضًا عِنْدَهُ لَكِنْ يُعْذَرُ فِي التَّنَاقُضِ لِخَفَاءِ حَالِ الْعُلُوقِ، وَكُلُّ مَا كَانَ مَبْنَاهُ عَلَى الْخَفَاءِ فَالتَّنَاقُضُ فِيهِ مَعْفُوٌّ كَمَا نَذْكُرُ، وَإِنْ أَرَادَ الثَّانِيَ فَلَهُ الْوَجْهُ الثَّانِي وَهُوَ أَنْ يُقَالَ التَّنَاقُضُ لَا يَمْنَعُ صِحَّةَ الدَّعْوَى فِي الْعِتْقِ لِبِنَائِهِ عَلَى الْخَفَاءِ إذْ الْمَوْلَى يَسْتَنِدُ بِهِ، فَرُبَّمَا لَا يَعْلَمُ الْعَبْدُ إعْتَاقَهُ ثُمَّ يَعْلَمُ بَعْدَ ذَلِكَ كَالْمُخْتَلِعَةِ تُقِيمُ الْبَيِّنَةَ عَلَى الطَّلْقَاتِ الثَّلَاثِ قَبْلَ الْخُلْعِ فَإِنَّهَا تُقْبَلُ مِنْهَا؛ لِأَنَّ الزَّوْجَ يَنْفَرِدُ بِالطَّلَاقِ فَرُبَّمَا لَمْ تَكُنْ عَالِمَةً عِنْدَ الْخُلْعِ ثُمَّ عَلِمَتْ.
وَإِنَّمَا قَيَّدَ بِالثَّلَاثِ؛ لِأَنَّهُ فِيمَا دُونَهُ أَمْكَنَ أَنْ يُقِيمَ الزَّوْجُ بَيِّنَةً أَنَّهُ قَدْ تَزَوَّجَهَا بَعْدَ الطَّلَاقِ الَّذِي أَثْبَتَتْهُ الْمَرْأَةُ بِبَيِّنَتِهَا قَبْلَ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ، وَأَمَّا فِي الثَّلَاثِ فَلَا يُمْكِنُ ذَلِكَ، وَكَذَا الْمُكَاتَبُ يُقِيمُهَا عَلَى الْإِعْتَاقِ قَبْلَ الْكِتَابَةِ. ثُمَّ الْمَرْأَةُ وَالْمُكَاتَبُ يَسْتَرِدَّانِ بَدَلَ الْخُلْعِ وَالْكِتَابَةِ بَعْدَ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute