وَلَنَا أَنَّهُ تَصَرُّفُ تَمْلِيكٍ وَقَدْ صَدَرَ مِنْ أَهْلِهِ فِي مَحَلِّهِ فَوَجَبَ الْقَوْلُ بِانْعِقَادِهِ، إذْ لَا ضَرَرَ فِيهِ لِلْمَالِكِ مَعَ تَخْيِيرِهِ، بَلْ فِيهِ نَفْعُهُ حَيْثُ يَكْفِي مُؤْنَةُ طَلَبِ الْمُشْتَرِي وَقَرَارُ الثَّمَنِ وَغَيْرِهِ، وَفِيهِ نَفْعُ الْعَاقِدِ لِصَوْنِ كَلَامِهِ عَنْ الْإِلْغَاءِ، وَفِيهِ نَفْعُ الْمُشْتَرِي فَثَبَتَ لِلْقُدْرَةِ الشَّرْعِيَّةِ تَحْصِيلًا لِهَذِهِ الْوُجُوهِ، كَيْفَ وَإِنَّ الْإِذْنَ ثَابِتٌ دَلَالَةً لِأَنَّ الْعَاقِلَ يَأْذَنُ فِي التَّصَرُّفِ النَّافِعِ،
مُنْتَفٍ؛ لِأَنَّ الْمَانِعَ هُوَ الضَّرَرُ وَلَا ضَرَرَ فِي ذَلِكَ لِأَحَدٍ مِنْ الْمَالِكِ وَالْعَاقِدَيْنِ، أَمَّا الْمَالِكُ فَلِأَنَّهُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ الْإِجَازَةِ وَالْفَسْخِ، وَلَهُ فِيهِ مَنْفَعَةٌ حَيْثُ يَكْفِي مُؤْنَةُ طَلَبِ الْمُشْتَرِي وَقَرَارِ الثَّمَنِ، وَأَمَّا الْفُضُولِيُّ فَلِأَنَّ فِيهِ صَوْنَ كَلَامِهِ عَنْ الْإِلْغَاءِ، وَأَمَّا الْمُشْتَرِي فَظَاهِرٌ فَثَبَتَتْ الْقُدْرَةُ الشَّرْعِيَّةُ تَحْصِيلًا لِهَذِهِ الْمَنَافِعِ. فَإِنْ قِيلَ: الْقُدْرَةُ بِالْمِلْكِ أَوْ بِالْإِذْنِ وَلَمْ يُوجَدَا. أَجَابَ عَنْ ذَلِكَ مُنْكِرًا بِقَوْلِهِ كَيْفَ وَأَنَّ الْإِذْنَ ثَابِتٌ دَلَالَةً؛ لِأَنَّ الْعَاقِلَ يَأْذَنُ فِي التَّصَرُّفِ النَّافِعِ. فَإِنْ قِيلَ: سَلَّمْنَا وُجُودَ الْمُقْتَضِي لَكِنَّ الْمَانِعَ لَيْسَ بِمُنْحَصِرٍ فِي الضَّرَرِ بَلْ عَدَمُ الْمِلْكِ مَانِعٌ شَرْعًا لِقَوْلِهِ ﷺ لِحَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ «لَا تَبِعْ مَا لَيْسَ عِنْدَك» وَكَذَلِكَ الْعَجْزُ عَنْ التَّسْلِيمِ؛ أَلَا تَرَى أَنَّ بَيْعَ الْآبِقِ وَالطَّيْرِ فِي الْهَوَاءِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute