قَالَ (وَلَهُ الْإِجَازَةُ إذَا كَانَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ بَاقِيًا وَالْمُتَعَاقِدَانِ بِحَالِهِمَا) لِأَنَّ الْإِجَازَةَ تَصَرُّفٌ فِي الْعَقْدِ فَلَا بُدَّ مِنْ قِيَامِهِ وَذَلِكَ بِقِيَامِ الْعَاقِدَيْنِ وَالْمَعْقُودِ عَلَيْهِ.
لَا يَجُوزُ مَعَ وُجُودِ الْمِلْكِ فِيهِمَا؟ فَالْجَوَابُ أَنَّ قَوْلَهُ لَا تَبِعْ نَهْيٌ عَنْ الْبَيْعِ الْمُطْلَقِ، وَالْمُطْلَقُ يَنْصَرِفُ إلَى الْكَامِلِ، وَالْكَامِلُ هُوَ الْبَيْعُ الْبَاتُّ فَلَا اتِّصَالَ لَهُ بِمَوْضِعِ النِّزَاعِ، وَالْقُدْرَةُ عَلَى التَّسْلِيمِ بَعْدَ الْإِجَازَةِ ثَابِتَةٌ. وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ مَا رَوَى الْكَرْخِيُّ فِي أَوَّلِ كِتَابِ الْوَكَالَةِ قَالَ: حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَيْمُونٍ الْخَيَّاطُ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ شَبِيبِ بْنِ غَرْقَدَةَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ «عَنْ عُرْوَةَ الْبَارِقِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ أَعْطَاهُ دِينَارًا لِيَشْتَرِيَ أُضْحِيَّةً، فَاشْتَرَى شَاتَيْنِ فَبَاعَ إحْدَاهُمَا بِدِينَارٍ وَجَاءَ بِشَاةٍ وَدِينَارٍ، فَدَعَا النَّبِيُّ ﷺ فِي بَيْعِهِ بِالْبَرَكَةِ فَكَانَ لَوْ اشْتَرَى تُرَابًا رَبِحَ فِيهِ» لَا يُقَالُ: عُرْوَةُ الْبَارِقِيُّ كَانَ وَكِيلًا مُطْلَقًا بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ؛ لِأَنَّهُ دَعْوَى بِلَا دَلِيلٍ إذْ لَا يُمْكِنُ إثْبَاتُهُ بِغَيْرِ نَقْلٍ، وَالْمَنْقُولُ أَنَّهُ ﵊ أَمَرَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ أُضْحِيَّةً، وَلَوْ كَانَ لَنُقِلَ عَلَى سَبِيلِ الْمَدْحِ لَهُ. فَإِنْ قِيلَ: هَلْ يَجُوزُ شِرَاءُ الْفُضُولِيِّ كَبَيْعِهِ أَوْ لَا؟ أُجِيبَ بِأَنَّ فِيهِ تَفْصِيلًا، وَهُوَ أَنَّ الْفُضُولِيَّ إنْ قَالَ بِعْ هَذَا الْعَيْنَ لِفُلَانٍ فَقَالَ الْمَالِكُ بِعْت فَقَالَ الْفُضُولِيُّ اشْتَرَيْت لِأَجْلِهِ أَوْ قَالَ الْمَالِكُ ابْتِدَاءً بِعْت هَذَا الْعَيْنَ لِفُلَانٍ وَقَالَ الْفُضُولِيُّ قَبِلْت لِأَجْلِهِ فَهُوَ عَلَى هَذَا الْخِلَافِ.
وَإِنْ قَالَ اشْتَرَيْت مِنْك هَذَا الْعَيْنَ لِأَجْلِ فُلَانٍ فَقَالَ الْمَالِكُ بِعْت أَوْ قَالَ الْمَالِكُ بِعْت مِنْك هَذَا الْعَيْنَ لِأَجْلِ فُلَانٍ فَقَالَ اشْتَرَيْت لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى إجَازَةِ فُلَانٍ؛ لِأَنَّهُ وَجَدَ نَفَاذًا عَلَى الْمُشْتَرِي حَيْثُ أُضِيفَ إلَيْهِ ظَاهِرًا فَلَا حَاجَةَ إلَى الْإِيقَافِ عَلَى رِضَا الْغَيْرِ. وَقَوْلُهُ: لِأَجْلِ فُلَانٍ يَحْتَمِلُ لِأَجْلِ رِضَاهُ وَشَفَاعَتِهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، بِخِلَافِ الْبَيْعِ فَإِنَّهُ لَمْ يَجِدْ نَفَاذًا عَلَى غَيْرِ الْمَالِكِ وَلَمْ يَنْفُذْ عَلَى الْمَالِكِ فَاحْتِيجَ إلَى الْإِيقَافِ عَلَى رِضَا الْغَيْرِ، وَإِلَى هَذَا الْوَجْهِ أَشَارَ الْمُصَنِّفُ بَعْدُ بِقَوْلِهِ وَالشِّرَاءُ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْإِجَازَةِ (قَوْلُهُ: وَلَهُ) أَيْ لِلْمَالِكِ (الْإِجَازَةُ). اعْلَمْ أَنَّ الْفُضُولِيَّ إمَّا أَنْ يَبِيعَ الْعَيْنَ بِثَمَنِ دَيْنٍ كَالدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ وَالْفُلُوسِ وَالْكَيْلِيُّ وَالْوَزْنِيُّ الْمَوْصُوفُ بِغَيْرِ عَيْنِهِ، وَإِمَّا أَنْ يَبِيعَ بِثَمَنِ عَيْنٍ، فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ فَلِلْمَالِكِ الْإِجَازَةُ إذَا كَانَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ بَاقِيًا وَالْمُتَعَاقِدَانِ بِحَالِهِمَا، فَإِنْ أَجَازَ حَالَ قِيَامِ الْأَرْبَعَةِ جَازَ الْبَيْعُ لِمَا ذُكِرَ أَنَّ الْإِجَازَةَ تُصْرَفُ فِي الْعَقْدِ فَلَا بُدَّ مِنْ قِيَامِهِ وَذَلِكَ بِقِيَامِ الْعَاقِدَيْنِ وَالْمَعْقُودِ عَلَيْهِ وَكَانَتْ الْإِجَازَةُ اللَّاحِقَةُ كَالْوَكَالَةِ السَّابِقَةِ فَيَكُونُ الْبَائِعُ بِمَنْزِلَةِ الْوَكِيلِ وَالثَّمَنُ مَمْلُوكٌ لِلْمَالِكِ أَمَانَةً فِي يَدِ الْفُضُولِيِّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute