للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِذَا أَجَازَ الْمَالِكُ كَانَ الثَّمَنُ مَمْلُوكًا لَهُ أَمَانَةً فِي يَدِهِ بِمَنْزِلَةِ الْوَكِيلِ، لِأَنَّ الْإِجَازَةَ اللَّاحِقَةَ بِمَنْزِلَةِ الْوَكَالَةِ السَّابِقَةِ، وَلِلْفُضُولِيِّ أَنْ يَفْسَخَ قَبْلَ الْإِجَازَةِ دَفْعًا لِلْحُقُوقِ عَنْ نَفْسِهِ، بِخِلَافِ الْفُضُولِيِّ فِي النِّكَاحِ لِأَنَّهُ مُعَبِّرٌ مَحْضٌ، هَذَا إذَا كَانَ الثَّمَنُ دَيْنًا، فَإِنْ كَانَ عَرْضًا مُعَيَّنًا إنَّمَا تَصِحُّ الْإِجَازَةُ إذَا كَانَ الْعَرْضُ بَاقِيًا أَيْضًا. ثُمَّ الْإِجَازَةُ إجَازَةُ نَقْدٍ لَا إجَازَةُ عَقْدٍ حَتَّى يَكُونَ الْعَرْضُ الثَّمَنُ مَمْلُوكًا لِلْفُضُولِيِّ، وَعَلَيْهِ مِثْلُ الْمَبِيعِ إنْ كَانَ مِثْلِيًّا أَوْ قِيمَتُهُ إنْ لَمْ يَكُنْ مِثْلِيًّا، لِأَنَّهُ شِرَاءٌ مِنْ وَجْهٍ وَالشِّرَاءُ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْإِجَازَةِ.

وَإِنْ كَانَ الثَّانِي فَيُحْتَاجُ إلَى قِيَامِ خَمْسَةِ أَشْيَاءَ: مَا ذَكَرْنَا مِنْ الْأُمُورِ الْأَرْبَعَةِ، وَقِيَامُ ذَلِكَ الْعَرَضِ أَيْضًا، وَالْإِجَازَةُ اللَّاحِقَةُ إجَازَةُ نَقْدٍ بِأَنْ يَنْقُدَ الْبَائِعُ مَا بَاعَ ثَمَنًا لِمَا مَلَكَهُ بِالْعَقْدِ لَا إجَازَةَ عَقْدٍ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ لَازِمٌ عَلَى الْفُضُولِيِّ وَالْعَرْضُ الثَّمَنُ مَمْلُوكٌ لَهُ، وَعَلَيْهِ مِثْلُ الْمَبِيعِ إنْ كَانَ مِثْلِيًّا، وَقِيمَتُهُ إنْ كَانَ قِيَمِيًّا؛ لِأَنَّ الثَّمَنَ إذَا كَانَ عَرَضًا صَارَ الْبَائِعُ مِنْ وَجْهٍ مُشْتَرِيًا، وَالشِّرَاءُ إذَا وَجَدَ نَفَاذًا عَلَى الْعَاقِدِ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْإِجَازَةِ؛ وَكَمَا أَنَّ لِلْمَالِكِ الْفَسْخَ فَكَذَا لِكُلٍّ مِنْ الْفُضُولِيِّ وَالْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ حُقُوقَ الْعَقْدِ تَرْجِعُ إلَى الْفُضُولِيِّ فَلَهُ أَنْ يَتَحَرَّزَ عَنْ الْتِزَامِ الْعُهْدَةِ، بِخِلَافِ الْفُضُولِيِّ فِي النِّكَاحِ فَإِنَّ فَسْخَهُ قَبْلَ الْإِجَازَةِ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّ الْحُقُوقَ لَا تَرْجِعُ إلَيْهِ وَهُوَ فِيهِ مُعَبِّرٌ، فَإِذَا عَبَّرَ فَقَدْ انْتَهَى فَصَارَ هُوَ بِمَنْزِلَةِ الْأَجْنَبِيِّ.

وَلَوْ فَسَخَتْ الْمَرْأَةُ نِكَاحَهَا قَبْلَ الْإِجَازَةِ انْفَسَخَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>