قَالَ (فَإِنْ قُطِعَتْ يَدُ الْعَبْدِ فَأَخَذَ أَرْشَهَا ثُمَّ أَجَازَ الْمَوْلَى الْبَيْعَ فَالْأَرْشُ لِلْمُشْتَرِي) لِأَنَّ الْمِلْكَ قَدْ تَمَّ لَهُ مِنْ وَقْتِ الشِّرَاءِ، فَتَبَيَّنَ أَنَّ الْقَطْعَ حَصَلَ عَلَى مِلْكِهِ وَهَذِهِ حُجَّةٌ عَلَى مُحَمَّدٍ، وَالْعُذْرُ لَهُ أَنَّ الْمِلْكَ مِنْ وَجْهٍ يَكْفِي لِاسْتِحْقَاقِ الْأَرْشِ كَالْمُكَاتَبِ إذَا قُطِعَتْ يَدُهُ وَأَخَذَ الْأَرْشَ ثُمَّ رُدَّ فِي الرِّقِّ يَكُونُ الْأَرْشُ لِلْمَوْلَى، فَكَذَا إذَا قُطِعَتْ يَدُ الْمُشْتَرَى فِي يَدِ الْمُشْتَرِي وَالْخِيَارُ لِلْبَائِعِ ثُمَّ أُجِيزَ الْبَيْعُ فَالْأَرْشُ لِلْمُشْتَرِي، بِخِلَافِ الْإِعْتَاقِ
مِنْهُ وَهُوَ مَوْقُوفٌ. الثَّانِي أَنَّ طُرُوءَ الْمِلْكِ الْبَاتِّ عَلَى الْمَوْقُوفِ لَوْ كَانَ مُبْطِلًا لَهُ لَكَانَ مَانِعًا عَنْ الْمَوْقُوفِ؛ لِأَنَّ الدَّفْعَ أَسْهَلُ مِنْ الرَّفْعِ، لَكِنَّهُ لَيْسَ بِمَانِعٍ بِدَلِيلِ انْعِقَادِ بَيْعِ الْفُضُولِيِّ فَإِنَّ مِلْكَ الْمَالِكِ بَاتٌّ فَكَانَ يَجِبُ أَنْ يُمْنَعَ بَيْعُ الْفُضُولِيِّ وَلَيْسَ كَذَلِكَ. وَأُجِيبَ عَنْ الْأَوَّلِ بِأَنَّ ثُبُوتَ الْمِلْكِ لِلْغَاصِبِ ضَرُورَةُ الضَّمَانِ فَلَا يَتَعَدَّى إلَى إبْطَالِ حَقِّ الْمُشْتَرِي وَعَنْ الثَّانِي بِأَنَّ الْبَيْعَ الْمَوْقُوفَ غَيْرُ مَوْجُودٍ فِي حَقِّ الْمَالِكِ بَلْ يُوجَدُ مِنْ الْفُضُولِيِّ، وَالْمَنْعُ إنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ الْوُجُودِ، أَمَّا الْمَالِكُ إذَا أَجَازَ بَيْعَ الْفُضُولِيِّ فَقَدْ ثَبَتَ لِلْمُشْتَرِي مِلْكٌ بَاتٌّ فَأَبْطَلَ الْمَوْقُوفَ لِمَا ذَكَرْنَا أَنَّ الْمِلْكَ الْبَاتَّ وَالْمَوْقُوفَ لَا يَجْتَمِعَانِ فِي مَحَلٍّ وَاحِدٍ، وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ مَا يَكُونُ بَعْدَ الْوُجُودِ رَفْعٌ لَا مَنْعٌ، وَفِي الْحَقِيقَةِ هُوَ مُغَالَطَةٌ فَإِنَّ كَلَامَنَا فِي أَنَّ طُرُوءَ الْمِلْكِ الْبَاتِّ يُبْطِلُ الْمَوْقُوفَ وَلَيْسَ مِلْكُ الْمَالِكِ طَارِئًا حَتَّى يَتَوَجَّهَ السُّؤَالُ.
وَقَوْلُهُ: (أَمَّا إذَا أَدَّى الْغَاصِبُ الضَّمَانَ) جَوَابٌ عَنْ الرَّابِعَةِ. وَتَقْرِيرُهُ: أَمَّا إذَا أَدَّى الْغَاصِبُ الضَّمَانَ فَلَا نُسَلِّمُ أَنَّ إعْتَاقَ الْمُشْتَرِي مِنْهُ لَا يَنْفُذُ بَلْ يَنْفُذُ، كَذَا ذَكَرَهُ هِلَالٌ فِي كِتَابِ الْوَقْفِ فَقَالَ: يَنْفُذُ وَقْفُهُ عَلَى طَرِيقَةِ الِاسْتِحْسَانِ فَالْعِتْقُ أَوْلَى. قَالَ الْمُصَنِّفُ: وَهُوَ الْأَصَحُّ، وَلَئِنْ سُلِّمَ فَنَقُولُ: هُنَاكَ الْمُشْتَرِي يَمْلِكُهُ مِنْ جِهَةِ الْغَاصِبِ وَحَقِيقَةُ الْمِلْكِ لَا تَسْتَنِدُ لِلْغَاصِبِ كَمَا تَقَدَّمَ فَكَيْفَ تَسْتَنِدُ لِمَنْ يَتَمَلَّكُهُ مِنْ جِهَتِهِ فَلِهَذَا لَا يَنْفُذُ عِتْقُهُ، وَهَاهُنَا إنَّمَا يَسْتَنِدُ الْمِلْكُ لَهُ إلَى وَقْتِ الْعَقْدِ مِنْ جِهَةِ الْمُجِيزِ، وَالْمُجِيزُ كَانَ مَالِكًا لَهُ حَقِيقَةً فَيُمْكِنُ إثْبَاتُ حَقِيقَةِ الْمِلْكِ لِلْمُشْتَرِي مِنْ وَقْتِ الْعَقْدِ
قَالَ (فَإِنْ قُطِعَتْ يَدُ الْعَبْدِ إلَخْ) إذَا قُطِعَتْ يَدُ الْعَبْدِ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي مِنْ الْغَاصِبِ وَأَخَذَ الْمُشْتَرِي أَرْشَهَا ثُمَّ أَجَازَ الْمَالِكُ الْبَيْعَ فَالْأَرْشُ لِلْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ بِالْإِجَازَةِ قَدْ تَمَّ لِلْمُشْتَرِي مِنْ وَقْتِ الشِّرَاءِ؛ لِأَنَّ سَبَبَ الْمِلْكِ هُوَ الْعَقْدُ وَكَانَ تَامًّا فِي نَفْسِهِ، وَلَكِنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute