(وَتَسْمِيَةُ الْمَكَانِ الَّذِي يُوفِيهِ فِيهِ إذَا كَانَ لَهُ حَمْلٌ وَمُؤْنَةٌ) وَقَالَا: لَا يَحْتَاجُ إلَى تَسْمِيَةِ رَأْسِ الْمَالِ إذَا كَانَ مُعَيَّنًا وَلَا إلَى مَكَانِ التَّسْلِيمِ وَيُسَلِّمُهُ فِي مَوْضِعِ الْعَقْدِ، فَهَاتَانِ مَسْأَلَتَانِ. وَلَهُمَا فِي الْأُولَى أَنَّ الْمَقْصُودَ يَحْصُلُ بِالْإِشَارَةِ فَأَشْبَهَ الثَّمَنَ وَالْأُجْرَةَ وَصَارَ كَالثَّوْبِ. وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ رُبَّمَا يُوجَدُ بَعْضُهَا زُيُوفًا لَا يَسْتَبْدِلُ فِي الْمَجْلِسِ، فَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ قَدْرَهُ لَا يَدْرِي فِي كَمْ بَقِيَ أَوْ رُبَّمَا لَا يَقْدِرُ عَلَى تَحْصِيلِ الْمُسْلَمِ فِيهِ فَيَحْتَاجُ إلَى رَدِّ رَأْسِ الْمَالِ، وَالْمَوْهُومُ فِي هَذَا الْعَقْدِ كَالْمُتَحَقِّقِ
وَتَسْمِيَةُ الْمَكَانِ الَّذِي يُوَفِّيهِ فِيهِ إذَا كَانَ لَهُ حَمْلٌ بِفَتْحِ الْحَاءِ وَمُؤْنَةٌ وَمَعْنَاهُ مَا لَهُ ثِقَلٌ يَحْتَاجُ فِي حَمْلِهِ إلَى ظَهْرٍ أَوْ أُجْرَةِ حَمَّالٍ، فَهَذَانِ شَرْطَانِ لِصِحَّتِهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَهُوَ الْمَرْوِيُّ عَنْ ابْنِ عُمَرَ ﵄ خِلَافًا لَهُمَا.
قَالَا فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى: إنَّ الْمَقْصُودَ يَحْصُلُ بِالْإِشَارَةِ فَأَشْبَهَ الثَّمَنَ وَالْأُجْرَةَ: يَعْنِي إذَا جُعِلَ الْمَكِيلُ أَوْ الْمَوْزُونُ ثَمَنَ الْمَبِيعِ أَوْ أُجْرَةً فِي الْإِجَارَةِ وَأُشِيرَ إلَيْهِمَا جَازَ، وَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ مِقْدَارُهُمَا، فَكَذَا يَنْبَغِي أَنْ يُكْتَفَى بِالْإِشَارَةِ فِي رَأْسِ الْمَالِ بِجَامِعِ كَوْنِهِ بَدَلًا وَصَارَ كَمَا إذَا كَانَ رَأْسُ الْمَالِ ثَوْبًا فَإِنَّ الْإِشَارَةَ فِيهِ تَكْفِي اتِّفَاقًا، وَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ ذُرْعَانُهُ.
وَلِأَبِي حَنِيفَةَ ﵀ أَنَّهُ رُبَّمَا يُوجَدُ بَعْضُهَا زُيُوفًا وَلَا يُسْتَبْدَلُ فِي الْمَجْلِسِ، فَلَوْ لَمْ يُعْلَمْ قَدْرُهُ لَا يُدْرَى فِي كَمْ بَقِيَ، وَتَحْقِيقُهُ أَنَّ جَهَالَةَ قَدْرِ رَأْسِ الْمَالِ تَسْتَلْزِمُ جَهَالَةَ الْمُسْلَمِ فِيهِ؛ لِأَنَّ الْمُسْلَمَ إلَيْهِ يُنْفِقُ رَأْسَ الْمَالِ شَيْئًا فَشَيْئًا، وَرُبَّمَا يَجِدُ بَعْضَ ذَلِكَ زُيُوفًا وَلَا يَسْتَبْدِلُهُ فِي مَجْلِسِ الرَّدِّ فَيَبْطُلُ الْعَقْدُ بِقَدْرِ مَا رَدَّهُ. فَإِذَا لَمْ يَكُنْ مِقْدَارُ رَأْسِ الْمَالِ مَعْلُومًا لَا يُعْلَمُ فِي كَمْ اُنْتُقِضَ السَّلَمُ أَوْ فِي كَمْ بَقِيَ وَجَهَالَةُ الْمُسْلَمِ فِيهِ مَفْسَدَةٌ بِالِاتِّفَاقِ فَكَذَا مَا يَسْتَلْزِمُهَا. وَقَوْلُهُ: (أَوْ رُبَّمَا) وَجْهٌ آخَرُ لِفَسَادِهِ، وَهُوَ أَنَّ الْمُسْلَمَ إلَيْهِ (قَدْ يَعْجِزُ عَنْ تَحْصِيلِ الْمُسْلَمِ فِيهِ وَلَيْسَ لِرَبِّ السَّلَمِ حِينَئِذٍ إلَّا رَأْسُ مَالِهِ) وَإِذَا كَانَ مَجْهُولَ الْمِقْدَارِ تَعَذَّرَ ذَلِكَ. فَإِنْ قِيلَ: ذَلِكَ أَمْرٌ مَوْهُومٌ لَا مُعْتَبَرَ بِهِ فِيمَا بُنِيَ عَلَى الرُّخَصِ. أَجَابَ الْمُصَنِّفُ ﵀ بِأَنَّ (الْمَوْهُومَ فِي هَذَا الْعَقْدِ كَالْمُتَحَقِّقِ)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute