للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِشَرْعِهِ مَعَ الْمُنَافِي، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ رَأْسُ الْمَالِ ثَوْبًا لِأَنَّ الذَّرْعَ وَصْفٌ فِيهِ لَا يَتَعَلَّقُ الْعَقْدُ عَلَى مِقْدَارِهِ.

لِشَرْعِهِ مَعَ الْمُنَافِي) إذْ الْقِيَاسُ يُخَالِفُهُ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ أَسْلَمَ بِمِكْيَالِ رَجُلٍ بِعَيْنِهِ لَمْ يَجُزْ لِتَوَهُّمِ هَلَاكِ ذَلِكَ الْمِكْيَالِ وَعَوْدِهِ إلَى الْجَهَالَةِ لَا سِيَّمَا عَلَى قَوْلِ مَنْ اعْتَبَرَ أَدْنَى الْأَجَلِ أَكْثَرَ مِنْ نِصْفِ يَوْمٍ. فَإِنْ قِيلَ: فِي هَذَا اعْتِبَارٌ لِلنَّازِلِ عَنْ الشُّبْهَةِ؛ لِأَنَّ وُجُودَ بَعْضِ رَأْسِ الْمَالِ زُيُوفًا فِيهِ شُبْهَةٌ لِاحْتِمَالِ أَنْ لَا يَكُونَ كَذَلِكَ وَبَعْدَ الْوُجُودِ الرَّدُّ مُحْتَمَلٌ فَقَدْ لَا يُرَدُّ، وَبَعْدَ الرَّدِّ تَرْكُ الِاسْتِبْدَالِ فِي مَجْلِسِ الرَّدِّ أَيْضًا مُحْتَمَلٌ، وَالْمُعْتَبَرُ هِيَ دُونَ النَّازِلِ عَنْهَا. فَالْجَوَابُ مَا تَقَدَّمَ أَنَّ الْمَعْنَى مِنْ الْمَوْهُومِ هُوَ ذَاكَ، وَقِيلَ بَلْ هَذِهِ شُبْهَةٌ وَاحِدَةٌ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مَبْنِيٌّ عَلَى وُجُودِهِ زَيْفًا، وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الثَّوْبِ) جَوَابٌ عَمَّا قَاسَاهُ عَلَيْهِ مِنْ الثَّوْبِ. وَتَقْرِيرُهُ أَنَّ الثَّوْبَ لَا يَتَعَلَّقُ الْعَقْدُ عَلَى مِقْدَارِهِ (؛ لِأَنَّ الذَّرْعَ) فِي الثَّوْبِ الْمُعَيَّنِ (صِفَةٌ) وَلِهَذَا لَوْ وَجَدَهُ زَائِدًا عَلَى الْمُسَمَّى سَلَّمَ لَهُ الزِّيَادَةَ مَجَّانًا، وَلَوْ وَجَدَهُ نَاقِصًا لَمْ يَحُطَّ شَيْئًا مِنْ الثَّمَنِ وَقَدْ تَقَدَّمَ، وَلَيْسَ كَلَامُنَا فِي ذَلِكَ، وَإِنَّمَا هُوَ فِيمَا يَتَعَلَّقُ الْعَقْدُ عَلَى مِقْدَارِهِ فَكَانَ قِيَاسًا مَعَ الْفَارِقِ، وَلَمْ يَجِبْ عَنْ الثَّمَنِ وَالْأُجْرَةِ؛ لِأَنَّ دَلِيلَهُ تَضَمَّنَ ذَلِكَ، فَإِنَّ الْبَيْعَ وَالْإِجَارَةَ لَا يَنْفَسِخَانِ بِرَدِّ الثَّمَنِ وَالْأُجْرَةِ وَتَرْكِ الِاسْتِبْدَالِ فِي مَجْلِسِ الرَّدِّ. وَمِنْ فُرُوعِ الِاخْتِلَافِ فِي مَعْرِفَةِ مِقْدَارِ رَأْسِ الْمَالِ مَا إذَا أَسْلَمَ مِائَةً فِي كُرِّ حِنْطَةٍ وَكُرِّ شَعِيرٍ وَلَمْ يُبَيِّنْ رَأْسَ مَالِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ ؛ لِأَنَّ الْمِائَةَ تَنْقَسِمُ عَلَى الْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ بِاعْتِبَارِ الْقِيمَةِ وَطَرِيقُ مَعْرِفَتِهِ الْحَزْرُ فَلَا يَكُونُ مِقْدَارُ رَأْسِ مَالِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَعْلُومًا. وَعِنْدَهُمَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ الْإِشَارَةَ إلَى الْعَيْنِ تَكْفِي لِجَوَازِ الْعَقْدِ وَقَدْ وُجِدَتْ، أَوْ أَسْلَمَ دَرَاهِمَ وَدَنَانِيرَ فِي كُرِّ حِنْطَةٍ وَقَدْ عَلِمَ وَزْنَ أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ عِنْدَهُ؛ لِأَنَّ مِقْدَارَ

<<  <  ج: ص:  >  >>