﵊ «إنَّ مِنْ السُّحْتِ مَهْرَ الْبَغِيِّ وَثَمَنَ الْكَلْبِ» وَلِأَنَّهُ نَجِسُ الْعَيْنِ وَالنَّجَاسَةُ تُشْعِرُ بِهَوَانِ الْمَحَلِّ وَجَوَازُ الْبَيْعِ يُشْعِرُ بِإِعْزَازِهِ فَكَانَ مُنْتَفِيًا. وَلَنَا «أَنَّهُ ﵊ نَهَى عَنْ بَيْعِ الْكَلْبِ إلَّا كَلْبَ صَيْدٍ أَوْ مَاشِيَةٍ»
- ﷺ «إنَّ مِنْ السُّحْتِ مَهْرَ الْبَغِيِّ وَثَمَنَ الْكَلْبِ») السُّحْتُ: هُوَ الْحَرَامُ. وَالْبَغِيُّ: الزَّانِيَةُ فَعِيلٌ بِمَعْنَى فَاعِلٍ وَتَرْكُ التَّاءِ إلْحَاقًا بِفَعِيلٍ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ كَقَوْلِهِمْ مِلْحَفَةٌ جَدِيدٌ.
(وَلِأَنَّهُ نَجِسُ الْعَيْنِ) بِدَلَالَةِ نَجَاسَةِ سُؤْرِهِ فَإِنَّهُ مُتَوَلِّدٌ مِنْ اللَّحْمِ، وَمَا كَانَ كَذَلِكَ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ؛ لِأَنَّ النَّجَاسَةَ تُشْعِرُ بِهَوَانِ الْمَحَلِّ، وَجَوَازُ الْبَيْعِ بِإِعْزَازِهِ فَكَانَا مُتَنَافِيَيْنِ وَالنَّجَاسَةُ ثَابِتَةٌ فَكَانَ الْبَيْعُ مُنْتَفِيًا (وَلَنَا أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ «نَهَى عَنْ بَيْعِ الْكَلْبِ إلَّا كَلْبَ صَيْدٍ أَوْ مَاشِيَةٍ») وَهِيَ الَّتِي تَحْرُسُ الْمَوَاشِيَ.
وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ الدَّلِيلَ أَخَصُّ مِنْ الْمُدَّعَى، فَإِنَّ الْمُدَّعَى جَوَازُ بَيْعِ الْكِلَابِ مُطْلَقًا، وَالدَّلِيلُ يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ بَيْعِ كَلْبِ الصَّيْدِ وَالْمَاشِيَةِ لَا غَيْرُ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ ذِكْرَهُ لِإِبْطَالِ شُمُولِ الْعَدَمِ الَّذِي هُوَ مُدَّعَى الْخَصْمِ، وَأَمَّا إثْبَاتُ الْمُدَّعَى فَثَابِتٌ بِحَدِيثٍ ذَكَرَهُ فِي الْأَسْرَارِ بِرِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ ﵁ أَنَّهُ قَالَ: «قَضَى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فِي كَلْبٍ بِأَرْبَعِينَ دِرْهَمًا» مِنْ غَيْرِ تَخْصِيصِهِ بِنَوْعٍ. وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الطَّحَاوِيَّ حَدَّثَ فِي شَرْحِ الْآثَارِ عَنْ يُونُسَ عَنْ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو «أَنَّهُ قَضَى فِي كَلْبِ صَيْدٍ قَتَلَهُ رَجُلٌ بِأَرْبَعِينَ دِرْهَمًا» وَهَذَا مَخْصُوصٌ بِنَوْعٍ كَمَا تَرَى.
وَقِيلَ الِاسْتِدْلَال
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute