لِقَوْلِهِ ﵊ «الذَّهَبُ بِالْوَرِقِ رِبًا إلَّا هَاءَ وَهَاءَ» (فَإِنْ افْتَرَقَا فِي الصَّرْفِ قَبْلَ قَبْضِ الْعِوَضَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا بَطَلَ الْعَقْدُ) لِفَوَاتِ الشَّرْطِ وَهُوَ الْقَبْضُ وَلِهَذَا لَا يَصِحُّ شَرْطُ الْخِيَارِ فِيهِ وَلَا الْأَجَلُ لِأَنَّ بِأَحَدِهِمَا لَا يَبْقَى الْقَبْضُ مُسْتَحَقًّا وَبِالثَّانِي يَفُوتُ الْقَبْضُ الْمُسْتَحَقُّ، إلَّا إذَا أُسْقِطَ الْخِيَارُ فِي الْمَجْلِسِ فَيَعُودُ إلَى الْجَوَازِ لِارْتِفَاعِهِ قَبْلَ تَقَرُّرِهِ وَفِيهِ خِلَافُ زُفَرَ ﵀.
لِقَوْلِهِ ﷺ «الذَّهَبُ بِالْوَرِقِ رِبًا إلَّا هَاءَ وَهَاءَ») عَلَى وَزْنِ هَاعَ بِمَعْنَى خُذْ وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى ﴿هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ﴾ (قَوْلُهُ: فَإِنْ افْتَرَقَا فِي الصَّرْفِ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ وَلَا بُدَّ مِنْ قَبْضِ الْعِوَضَيْنِ: يَعْنِي لِبَقَاءِ الْعَقْدِ، فَإِنْ افْتَرَقَا قَبْلَ قَبْضِ الْعِوَضَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا بَطَلَ الْعَقْدُ لِفَوَاتِ شَرْطِ الْبَقَاءِ وَهَذَا صَحِيحٌ، بِخِلَافِ قَوْلِ مَنْ يَقُولُ إنَّ الْقَبْضَ شَرْطُ الصِّحَّةِ، فَإِنَّ شَرْطَ الشَّيْءِ يَسْبِقُهُ وَالْقَبْضُ إنَّمَا هُوَ بَعْدَ الْعَقْدِ، وَمَا أُجِيبَ بِهِ بِأَنَّ شَرْطَ الْجَوَازِ مَا يُشْتَرَطُ مُقَارِنًا لِحَالَةِ الْعَقْدِ، إلَّا أَنَّ اشْتِرَاطَ الْقَبْضِ مُقَارِنًا لِحَالَةِ الْعَقْدِ مِنْ حَيْثُ الْحَقِيقَةُ غَيْرُ مُمْكِنٍ مِنْ غَيْرِ تَرَاضٍ لِمَا فِيهِ مِنْ إثْبَاتِ الْيَدِ عَلَى مَالِ الْغَيْرِ بِغَيْرِ رِضَاهُ، فَعَلَّقْنَا الْجَوَازَ بِقَبْضٍ يُوجَدُ فِي الْمَجْلِسِ؛ لِأَنَّ لِمَجْلِسِ الْعَقْدِ حُكْمَ حَالَةِ الْعَقْدِ كَمَا فِي الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ، فَصَارَ الْقَبْضُ الْمَوْجُودُ بَعْدَ الْعَقْدِ فِي مَجْلِسِهِ كَالْمَوْجُودِ وَقْتَ الْعَقْدِ حُكْمًا، وَلَوْ كَانَ مَوْجُودًا وَقْتَ الْعَقْدِ مِنْ حَيْثُ الْحَقِيقَةُ كَانَ شَرْطُ الْجَوَازِ، فَكَذَا إذَا كَانَ مَوْجُودًا حُكْمًا فَعَلَى مَا تَرَى فِيهِ مِنْ التَّمَحُّلِ مَعَ حُصُولِ الْمَقْصُودِ بِجَعْلِهِ شَرْطَ الْبَقَاءِ (وَلِهَذَا) أَيْ وَلِأَنَّ الِافْتِرَاقَ بِلَا قَبْضٍ مُبْطِلٌ (لَا يَصِحُّ شَرْطُ الْخِيَارِ فِي الصَّرْفِ وَلَا الْأَجَلِ) بِأَنْ يَقُولَ اشْتَرَيْت هَذَا الدِّينَارَ بِهَذِهِ الدَّرَاهِمِ عَلَى أَنِّي بِالْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ أَوْ قَالَ إلَى شَهْرٍ (؛ لِأَنَّ بِالْخِيَارِ لَا يَبْقَى الْقَبْضُ مُسْتَحَقًّا) لِمَنْعِهِ الْمِلْكَ (وَبِالْأَجَلِ يَفُوتُ الْقَبْضُ الْمُسْتَحَقُّ) وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْعِبَارَتَيْنِ أَنَّ فِي الْخِيَارِ يَتَأَخَّرُ الْقَبْضُ إلَى زَمَانِ سُقُوطِهِ فَلَمْ يَكُنْ فِي الْحَالِ مُسْتَحَقًّا وَفِي الْأَجَلِ ذَكَرَ فِي الْعَقْدِ مَا يُنَافِي الْقَبْضَ، وَذِكْرُ مُنَافِي الشَّيْءِ مُفَوِّتٌ لَهُ، كَذَا قِيلَ، وَكَأَنَّهُ رَاجِعٌ إلَى أَنَّ فِي الْأَوَّلِ اسْتِحْقَاقَ الْقَبْضِ فَائِتٌ، وَفِي الثَّانِي الْقَبْضُ الْمُسْتَحَقُّ شَرْعًا فَائِتٌ (قَوْلُهُ: إلَّا إذَا أُسْقِطَ فِي الْمَجْلِسِ) يَعْنِي مِنْهُمَا إنْ كَانَ الْخِيَارُ لَهُمَا أَوْ مِمَّنْ لَهُ ذَلِكَ (فَيَعُودُ إلَى الْجَوَازِ لِارْتِفَاعِهِ قَبْلَ تَقَرُّرِهِ) اسْتِحْسَانًا خِلَافًا لِزُفَرَ ﵀ وَهُوَ الْقِيَاسُ، وَإِنْ أَسْقَطَ الْأَجَلَ فَكَذَلِكَ، وَإِنْ أَسْقَطَ أَحَدُهُمَا فَكَذَلِكَ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ.
وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّ صَاحِبَ الْأَجَلِ إذَا أَسْقَطَ الْأَجَلَ لَمْ يَصِحَّ حَتَّى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute