قَالَ (وَلَا يَجُوزُ التَّصَرُّفُ فِي ثَمَنِ الصَّرْفِ قَبْلَ قَبْضِهِ، حَتَّى لَوْ بَاعَ دِينَارًا بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ وَلَمْ يَقْبِضْ الْعَشَرَةَ حَتَّى اشْتَرَى بِهَا ثَوْبًا فَالْبَيْعُ فِي الثَّوْبِ فَاسِدٌ) لِأَنَّ الْقَبْضَ مُسْتَحَقٌّ بِالْعَقْدِ حَقًّا لِلَّهِ تَعَالَى، وَفِي تَجْوِيزِهِ فَوَاتُهُ، وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَجُوزَ الْعَقْدُ فِي الثَّوْبِ كَمَا نُقِلَ عَنْ زُفَرَ، لِأَنَّ الدَّرَاهِمَ لَا تَتَعَيَّنُ فَيَنْصَرِفُ الْعَقْدُ إلَى مُطْلَقِهَا،
يَرْضَى صَاحِبُهُ، وَالْفَرْقُ يُعْرَفُ فِي شَرْحِ الْقُدُورِيِّ لِمُخْتَصَرِ الْكَرْخِيِّ، وَقَيَّدَ بِشَرْطِ الْخِيَارِ؛ لِأَنَّ خِيَارَ الْعَيْبِ وَالرُّؤْيَةِ يَثْبُتَانِ فِي الصَّرْفِ كَمَا فِي سَائِرِ الْعُقُودِ، إلَّا أَنَّ خِيَارَ الرُّؤْيَةِ لَا يَثْبُتُ إلَّا فِي الْعَيْنِ لَا الدَّيْنِ فَإِنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِي رَدِّهِ بِالْخِيَارِ إذْ الْعَقْدُ لَا يَنْفَسِخُ بِرَدِّهِ وَإِنَّمَا يَرْجِعُ بِمِثْلِهِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمَقْبُوضُ مِثْلَ الْمَرْدُودِ أَوْ دُونَهُ فَلَا يُفِيدُ الرَّدُّ فَائِدَةً.
قَالَ (وَلَا يَجُوزُ التَّصَرُّفُ فِي ثَمَنِ الصَّرْفِ قَبْلَ قَبْضِهِ إلَخْ) التَّصَرُّفُ فِي ثَمَنِ الصَّرْفِ قَبْلَ قَبْضِهِ لَا يَجُوزُ، فَإِذَا بَاعَ دِينَارًا بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ، وَلَمْ يَقْبِضْ الْعَشَرَةَ حَتَّى اشْتَرَى بِهَا ثَوْبًا فَسَدَ الْبَيْعُ فِي الثَّوْبِ لِفَوَاتِ الْقَبْضِ الْمُسْتَحَقِّ بِالْعَقْدِ حَقًّا لِلَّهِ تَعَالَى إذْ الرِّبَا حَرَامٌ حَقًّا لِلَّهِ، وَالْقِيَاسُ يَقْتَضِي جَوَازَهُ كَمَا نُقِلَ عَنْ زُفَرَ؛ لِأَنَّ الدَّرَاهِمَ لَا تَتَعَيَّنُ عَيْنًا كَانَتْ أَوْ دَيْنًا فَيَنْصَرِفُ الْعَقْدُ إلَى مُطْلَقِ الدَّرَاهِمِ، إذْ الْإِطْلَاقُ وَالْإِضَافَةُ إلَى بَدَلِ الصَّرْفِ إذْ ذَاكَ سَوَاءٌ، وَإِنَّمَا قَالَ عَنْ زُفَرَ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ مَذْهَبِهِ كَمَذْهَبِ الْعُلَمَاءِ الثَّلَاثَةِ، وَلَكِنَّا نَقُولُ: الثَّمَنُ فِي بَابِ الصَّرْفِ مَبِيعٌ؛ لِأَنَّ الصَّرْفَ بَيْعٌ وَلَا بُدَّ فِيهِ مِنْ مَبِيعٍ وَمَا ثَمَّةَ سِوَى الثَّمَنَيْنِ وَلَيْسَ أَحَدُهُمَا أَوْلَى بِكَوْنِهِ مَبِيعًا فَيُجْعَلُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَبِيعًا مِنْ وَجْهٍ وَثَمَنًا مِنْ وَجْهٍ وَإِنْ كَانَا ثَمَنَيْنِ خِلْقَةً، وَبَيْعُ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ لَا يَجُوزُ كَمَا فَعَلْنَا فِي الْمُقَايَضَةِ، وَاعْتَبَرْنَا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ثَمَنًا مِنْ وَجْهٍ مَبِيعًا مِنْ وَجْهٍ ضَرُورَةَ انْعِقَادِ الْبَيْعِ وَإِنْ كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مَبِيعًا حَقِيقَةً.
قِيلَ لَا نُسَلِّمُ عَدَمَ الْأَوْلَوِيَّةِ فَإِنَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute