قَالَ (وَمَنْ بَاعَ إنَاءَ فِضَّةٍ ثُمَّ افْتَرَقَا وَقَدْ قَبَضَ بَعْضَ ثَمَنِهِ بَطَلَ الْبَيْعُ فِيمَا لَمْ يُقْبَضْ وَصَحَّ فِيمَا قُبِضَ وَكَانَ الْإِنَاءُ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا) لِأَنَّهُ صَرْفٌ كُلُّهُ فَصَحَّ فِيمَا وُجِدَ شَرْطُهُ وَبَطَلَ فِيمَا لَمْ يُوجَدْ وَالْفَسَادُ طَارِئٌ لِأَنَّهُ يَصِحُّ ثُمَّ يَبْطُلُ بِالِافْتِرَاقِ فَلَا يَشِيعُ. قَالَ (وَلَوْ اُسْتُحِقَّ بَعْضُ الْإِنَاءِ فَالْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَخَذَ الْبَاقِيَ بِحِصَّتِهِ وَإِنْ شَاءَ رَدَّهُ) لِأَنَّ الشَّرِكَةَ عَيْبٌ فِي الْإِنَاءِ.
لَكِنَّهُ عَمَّمَ الْكَلَامَ لِبَيَانِ الْأَقْسَامِ الْأُخَرِ وَهِيَ أَرْبَعَةٌ: الْأَوَّلُ أَنْ يَكُونَ وَزْنُ الْفِضَّةِ الْمُفْرَدَةِ أَزْيَدَ مِنْ وَزْنِ الْفِضَّةِ الَّتِي مَعَ غَيْرِهَا، وَهُوَ جَائِزٌ؛ لِأَنَّ مِقْدَارَهَا يُقَابِلُهَا وَالزَّائِدُ يُقَابِلُ الْغَيْرَ فَلَا يُفْضِي إلَى الرِّبَا. وَالثَّانِي أَنْ يَكُونَ وَزْنُ الْمُفْرَدَةِ مِثْلَ الْمُنْضَمَّةِ وَهُوَ غَيْرُ جَائِزٍ؛ لِأَنَّهُ رِبًا؛ لِأَنَّ الْفَضْلَ رِبًا سَوَاءٌ كَانَ مِنْ جِنْسِهَا أَوْ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهَا. وَالثَّالِثُ أَنْ تَكُونَ الْمُفْرَدَةُ أَقَلَّ وَهُوَ أَوْضَحُ وَالرَّابِعُ أَنْ لَا يُدْرَى مِقْدَارُهَا وَهُوَ فَاسِدٌ لِعَدَمِ الْعِلْمِ بِالْمُسَاوَاةِ عِنْدَ الْعَقْدِ وَتَوَهُّمِ الْفَضْلِ خِلَافًا لِزُفَرَ فَإِنَّ الْأَصْلَ هُوَ الْجَوَازُ وَالْمُفْسِدُ هُوَ الْفَضْلُ الْخَالِي عَنْ الْعِوَضِ، فَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ بِهِ حُكِمَ بِجَوَازِهِ.
وَالْجَوَابُ أَنَّ مَا لَا يُدْرَى يَجُوزُ فِي الْوَاقِعِ أَنْ يَكُون مِثْلًا وَأَنْ يَكُونَ أَقَلَّ وَأَنْ يَكُونَ زَائِدًا، فَإِنْ كَانَ زَائِدًا جَازَ وَإِلَّا فَسَدَ فَتَعَدَّدَتْ جِهَةُ الْفَسَادِ فَتَرَجَّحَتْ. وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ كُلَّ جِهَةٍ مِنْهُمَا عِلَّةٌ لِلْفَسَادِ فَلَا تَصْلُحُ لِلتَّرْجِيحِ. وَأَجَابَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْكَرْدِيُّ ﵀ بِأَنَّ مُرَادَهُ أَنَّهُ إذَا كَانَ أَحَدُهُمَا يَكْفِي لِلْحُكْمِ فَمَا ظَنُّك بِهِمَا لَا التَّرْجِيحُ الْحَقِيقِيُّ إذْ لَا تَعَارُضَ بَيْنَ الْمُفْسِدِ وَالْمُصَحِّحِ فِيمَا يَلْحَقُ الشُّبْهَةُ فِيهِ بِالْحَقِيقَةِ.
قَالَ (وَمَنْ بَاعَ إنَاءَ فِضَّةٍ ثُمَّ افْتَرَقَا إلَخْ) وَمَنْ بَاعَ إنَاءَ فِضَّةٍ بِفِضَّةٍ أَوْ بِذَهَبٍ وَقَبَضَ بَعْضَ الثَّمَنِ دُونَ بَعْضٍ وَافْتَرَقَا بَطَلَ الْبَيْعُ فِيمَا لَمْ يُقْبَضْ ثَمَنُهُ وَصَحَّ فِيمَا قُبِضَ وَاشْتَرَكَا فِي الْإِنَاءِ؛ لِأَنَّهُ صَرْفٌ كُلُّهُ وَقَدْ وُجِدَ شَرْطُ بَقَاءِ الْعَقْدِ فِي بَعْضٍ دُونَ بَعْضٍ فَصَحَّ: أَيْ بَقِيَ صَحِيحًا فِي بَعْضٍ وَبَطَلَ فِي آخَرَ، وَهَذَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْقَبْضَ فِي الْمَجْلِسِ شَرْطُ الْبَقَاءِ عَلَى الْجَوَازِ فَيَكُونُ الْفَسَادُ طَارِئًا فَلَا يَشِيعُ. لَا يُقَالُ: عَلَى هَذَا يَلْزَمُ تَفْرِيقُ الصَّفْقَةِ وَذَلِكَ فَاسِدٌ؛ لِأَنَّ تَفْرِيقَ الصَّفْقَةِ قَبْلَ تَمَامِهَا لَا يَجُوزُ، وَهَاهُنَا الصَّفْقَةُ تَامَّةٌ فَلَا يَكُونُ مَانِعًا وَقَدْ تَقَدَّمَ مَعْنَى تَمَامِ الصَّفْقَةِ.
قَالَ (وَلَوْ اسْتَحَقَّ بَعْضَ الْإِنَاءِ إلَخْ) أَيْ وَلَوْ اسْتَحَقَّ بَعْضَ الْإِنَاءِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute