(وَمَنْ بَاعَ قِطْعَةَ نُقْرَةٍ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ بَعْضُهَا أَخَذَ مَا بَقِيَ بِحِصَّتِهَا وَلَا خِيَارَ لَهُ) لِأَنَّهُ لَا يَضُرُّهُ التَّبْعِيضُ.
قَالَ (وَمَنْ بَاعَ دِرْهَمَيْنِ وَدِينَارًا بِدِرْهَمٍ وَدِينَارَيْنِ جَازَ الْبَيْعُ وَجُعِلَ كُلُّ جِنْسٍ بِخِلَافِهِ) وَقَالَ زُفَرُ وَالشَّافِعِيُّ رَحِمَهُمَا اللَّهُ: لَا يَجُوزُ وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ إذَا بَاعَ كُرَّ شَعِيرٍ وَكُرَّ حِنْطَةٍ بِكُرَّيْ شَعِيرٍ وَكُرَّيْ حِنْطَةٍ: وَلَهُمَا أَنَّ فِي الصَّرْفِ إلَى خِلَافِ الْجِنْسِ تَغْيِيرَ تَصَرُّفِهِ لِأَنَّهُ قَابَلَ الْجُمْلَةَ بِالْجُمْلَةِ، وَمِنْ قَضِيَّتِهِ الِانْقِسَامُ عَلَى الشُّيُوعِ لَا عَلَى التَّعْيِينِ، وَالتَّغْيِيرُ لَا يَجُوزُ وَإِنْ كَانَ فِيهِ تَصْحِيحُ التَّصَرُّفِ، كَمَا إذَا اشْتَرَى قَلْبًا بِعَشَرَةٍ وَثَوْبًا بِعَشَرَةٍ بَاعَهُمَا مُرَابَحَةً لَا يَجُوزُ وَإِنْ أَمْكَنَ صَرْفُ الرِّبْحِ إلَى الثَّوْبِ، وَكَذَا إذَا اشْتَرَى عَبْدًا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ ثُمَّ بَاعَهُ قَبْلَ نَقْدِ الثَّمَنِ مِنْ الْبَائِعِ مَعَ عَبْدٍ آخَرَ بِأَلْفٍ وَخَمْسِمِائَةٍ لَا يَجُوزُ فِي الْمُشْتَرَى بِأَلْفٍ وَإِنْ أَمْكَنَ تَصْحِيحُهُ بِصَرْفِ الْأَلْفِ إلَيْهِ. وَكَذَا إذَا جَمَعَ بَيْنَ عَبْدِهِ وَعَبْدِ غَيْرِهِ وَقَالَ بِعْتُك أَحَدُهُمَا لَا يَجُوزُ وَإِنْ أَمْكَنَ تَصْحِيحُهُ بِصَرْفِهِ إلَى عَبْدِهِ. وَكَذَا إذَا بَاعَ دِرْهَمًا وَثَوْبًا بِدِرْهَمٍ وَثَوْبٍ وَافْتَرَقَا مِنْ غَيْرِ قَبْضٍ فَسَدَ الْعَقْدُ فِي الدِّرْهَمَيْنِ وَلَا يُصْرَفُ الدِّرْهَمُ إلَى الثَّوْبِ لِمَا ذَكَرْنَا.
وَلَنَا أَنَّ الْمُقَابَلَةَ الْمُطْلَقَةَ تَحْتَمِلُ
فَالْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَخَذَ الْبَاقِيَ بِحِصَّتِهِ وَإِنْ شَاءَ رَدَّ؛ لِأَنَّ الْإِنَاءَ تَعَيَّبَ بِعَيْبِ الشَّرِكَةِ إذْ الشَّرِكَةُ فِي الْأَعْيَانِ الْمُجْتَمِعَةِ تُعَدُّ عَيْبًا لِانْتِقَاصِهَا بِالتَّبْعِيضِ، وَكَانَ ذَلِكَ بِغَيْرِ صُنْعِهِ فَيَتَخَيَّرُ، بِخِلَافِ صُورَةِ الِافْتِرَاقِ فَإِنَّ الْعَيْبَ حَدَثَ بِصُنْعٍ مِنْهُ وَهُوَ الِافْتِرَاقُ لَا عَنْ قَبْضٍ. قَالَ (وَإِنْ بَاعَ قِطْعَةَ نُقْرَةٍ إلَخْ) الْمُرَادُ بِالنُّقْرَةِ قِطْعَةُ فِضَّةٍ مُذَابَةٌ. فَإِضَافَةُ الْقِطْعَةِ إلَى النُّقْرَةِ مِنْ بَابِ إضَافَةِ الْعَامِّ إلَى الْخَاصِّ. وَإِذَا بَاعَ قِطْعَةَ نُقْرَةٍ بِذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ ثُمَّ اسْتَحَقَّ بَعْضَهَا أَخَذَ مَا بَقِيَ بِحِصَّتِهَا وَلَا خِيَارَ لَهُ؛ لِأَنَّ الشَّرِكَةَ فِيهَا لَيْسَتْ بِعَيْبٍ؛ لِأَنَّ التَّبْعِيضَ لَا يَضُرُّهُ بِخِلَافِ الْإِنَاءِ.
قَالَ (وَمَنْ بَاعَ دِرْهَمَيْنِ وَدِينَارًا بِدِرْهَمٍ وَدِينَارَيْنِ جَازَ الْبَيْعُ إلَخْ) رَجُلٌ بَاعَ دِرْهَمَيْنِ وَدِينَارًا بِدِرْهَمٍ وَدِينَارَيْنِ جَازَ الْبَيْعُ وَجُعِلَ كُلُّ جِنْسٍ بِخِلَافِهِ، وَقَالَ زُفَرُ وَالشَّافِعِيُّ رَحِمَهُمَا اللَّهُ: لَا يَجُوزُ، وَعَلَى هَذَا إذَا بَاعَ كُرَّ شَعِيرٍ وَكُرَّ حِنْطَةٍ بِكُرَّيْ شَعِيرٍ وَكُرَّيْ حِنْطَةٍ، وَالْأَصْلُ أَنَّ الْأَمْوَالَ الرِّبَوِيَّةَ الْمُخْتَلِفَةَ الْجِنْسِ إذَا اشْتَمَلَ عَلَيْهَا الصَّفْقَةُ، وَكَانَ فِي صَرْفِ الْجِنْسِ إلَى الْجِنْسِ فَسَادُ الْمُبَادَلَةِ يَصْرِفُ كُلُّ جِنْسٍ مِنْهَا إلَى خِلَافِ جِنْسِهَا عِنْدَ الْعُلَمَاءِ الثَّلَاثَةِ تَصْحِيحًا لِلْعَقْدِ خِلَافًا لَهُمَا، قَالَا: إنَّ فِي الصَّرْفِ إلَى خِلَافِ الْجِنْسِ تَغَيُّرَ تَصَرُّفِهِ؛ لِأَنَّهُ قَابَلَ الْجُمْلَةَ بِالْجُمْلَةِ، وَمِنْ قَضِيَّةِ التَّقَابُلِ الِانْقِسَامُ عَلَى الشُّيُوعِ لَا عَلَى التَّعْيِينِ، وَمَعْنَى الشُّيُوعِ هُوَ أَنْ يَكُونَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْبَدَلَيْنِ حَظٌّ مِنْ جُمْلَةِ الْآخَرِ، وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ الْوُقُوعُ فَإِنَّهُ إذَا اشْتَرَى قَلْبًا: أَيْ سِوَارًا بِعَشَرَةٍ وَثَوْبًا بِعَشَرَةٍ ثُمَّ بَاعَهُمَا مُرَابَحَةً لَا يَجُوزُ، وَإِنْ أَمْكَنَ صَرْفُ الرِّبْحِ إلَى الثَّوْبِ، وَكَذَا إذَا اشْتَرَى عَبْدًا بِأَلْفٍ ثُمَّ بَاعَهُ مَعَ عَبْدٍ آخَرَ قَبْلَ نَقْدِ الثَّمَنِ مِنْ الْبَائِعِ بِأَلْفٍ وَخَمْسِمِائَةٍ لَا يَجُوزُ فِي الْمُشْتَرَى بِأَلْفٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute