للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مُقَابَلَةَ الْفَرْدِ بِالْفَرْدِ كَمَا فِي مُقَابَلَةِ الْجِنْسِ بِالْجِنْسِ، وَأَنَّهُ طَرِيقٌ مُتَعَيَّنٌ لِتَصْحِيحِهِ فَيُحْمَلُ عَلَيْهِ تَصْحِيحًا لِتَصَرُّفِهِ، وَفِيهِ تَغْيِيرُ وَصْفِهِ لَا أَصْلِهِ لِأَنَّهُ يَبْقَى مُوجِبُهُ الْأَصْلِيُّ وَهُوَ ثُبُوتُ الْمِلْكِ فِي الْكُلِّ بِمُقَابَلَةِ الْكُلِّ، وَصَارَ هَذَا كَمَا إذَا بَاعَ نِصْفَ عَبْدٍ مُشْتَرَكٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ يَنْصَرِفُ إلَى نَصِيبِهِ تَصْحِيحًا لِتَصَرُّفِهِ بِخِلَافِ مَا عُدَّ مِنْ الْمَسَائِلِ.

أَمَّا مَسْأَلَةُ الْمُرَابَحَةِ فَلِأَنَّهُ يَصِيرُ تَوْلِيَةً فِي الْقَلْبِ بِصَرْفِ الرِّبْحِ كُلِّهِ إلَى الثَّوْبِ. وَالطَّرِيقُ فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ غَيْرُ مُتَعَيِّنٍ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ

وَإِنْ أَمْكَنَ تَصْحِيحُهُ لِصَرْفِ الْأَلْفِ إلَيْهِ، وَكَذَا إذَا جَمَعَ بَيْنَ عَبْدِهِ وَعَبْدِ غَيْرِهِ فَقَالَ بِعْتُك أَحَدَهُمَا لَا يَجُوزُ وَإِنْ أَمْكَنَ تَصْحِيحُهُ بِصَرْفِهِ إلَى عَبْدِهِ، وَكَذَا إذَا بَاعَ دِرْهَمًا وَثَوْبًا بِدِرْهَمٍ وَثَوْبٍ فَافْتَرَقَا مِنْ غَيْرِ قَبْضٍ فَسَدَ الْبَيْعُ فِي الدِّرْهَمِ وَلَا يُصْرَفُ إلَى الثَّوْبِ، وَلَيْسَ ذَلِكَ كُلُّهُ إلَّا لِمَا ذَكَرْنَا أَنَّ قَضِيَّةَ هَذِهِ الْمُقَابَلَةِ الِانْقِسَامُ عَلَى الشُّيُوعِ دُونَ التَّعْيِينِ، فَالتَّعْيِينُ تَغْيِيرٌ وَالتَّغْيِيرُ لَا يَجُوزُ. وَلَنَا أَنَّ الْمُقَابَلَةَ الْمُطْلَقَةَ تَحْتَمِلُ مُقَابَلَةَ الْفَرْدِ بِالْفَرْدِ فَكَانَ جَائِزَ الْإِرَادَةِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مُرَادًا، أَمَّا أَنَّهُ جَائِزُ الْإِرَادَةِ فَلِأَنَّ كُلَّ مُطْلَقٍ يَحْتَمِلُ الْمُقَيَّدَ لَا مَحَالَةَ، وَلِهَذَا إذَا بَاعَ كُرَّ حِنْطَةٍ بِكُرَّيْهَا فَسَدَ؛ لِأَنَّ الْكُرَّ قَابَلَ الْكُرَّ وَفَضَلَ الْآخَرُ.

وَأَمَّا وُجُوبُ أَنْ يَكُونَ مُرَادًا فَلِأَنَّهُ طَرِيقٌ مُتَعَيِّنٌ لِتَصْحِيحِ الْعَقْدِ فَيَجِبُ سُلُوكُهُ، وَلَئِنْ مُنِعَ تَعَيُّنُهُ لِذَلِكَ بِإِمْكَانِ أَنْ يَكُونَ دِرْهَمٌ مِنْ الدِّرْهَمَيْنِ بِمُقَابَلَةِ دِرْهَمٍ وَالدِّرْهَمُ الْآخَرُ بِمُقَابَلَةِ دِينَارٍ مِنْ الدِّينَارَيْنِ وَالدِّينَارُ بِمُقَابَلَةِ الدِّينَارِ الْآخَرِ. قُلْنَا: هَذَا غَلَطٌ؛ لِأَنَّا مَا أَرَدْنَا مِنْ الطَّرِيقِ إلَّا الصَّرْفَ إلَى خِلَافِ الْجِنْسِ عَلَى أَيِّ وَجْهٍ كَانَ. عَلَى أَنَّ فِيمَا ذَكَرْتُمْ تَغَيُّرَاتٍ كَثِيرَةً وَمَا هُوَ أَقَلُّ تَغْيِيرًا مُتَعَيِّنٌ.

وَالْجَوَابُ عَنْ قَوْلِهِمَا إنَّ فِي الصَّرْفِ إلَى خِلَافِ الْجِنْسِ تَغْيِيرَ تَصَرُّفِهِ أَنْ يُقَالَ فِيهِ تَغْيِيرُ وَصْفِ التَّصَرُّفِ أَوْ أَصْلِهِ، وَالْأَوَّلُ مُسَلَّمٌ وَلَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ مَانِعٌ عَنْ الْجَوَازِ، وَالثَّانِي مَمْنُوعٌ؛ لِأَنَّ مُوجِبَهُ الْأَصْلِيَّ وَهُوَ ثُبُوتُ الْمِلْكِ فِي الْكُلِّ بِمُقَابَلَةِ الْكُلِّ بَاقٍ عَلَى حَالِهِ لَمْ يَتَغَيَّرْ وَصَارَ هَذَا كَمَا إذَا بَاعَ نِصْفَ عَبْدٍ مُشْتَرَكٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ يَنْصَرِفُ إلَى نَصِيبِهِ تَصْحِيحًا لِتَصَرُّفِهِ، وَإِنْ كَانَ فِي ذَلِكَ تَغْيِيرُ وَصْفِ التَّصَرُّفِ مِنْ الشُّيُوعِ إلَى مُعَيَّنٍ لَمَا كَانَ أَصْلُ التَّصَرُّفِ وَهُوَ ثُبُوتُ الْمِلْكِ فِي النِّصْفِ بَاقِيًا ثُمَّ أَجَابَ عَنْ الْمَسَائِلِ الْمُسْتَشْهَدِ بِهَا. أَمَّا الْأُولَى: أَعْنِي مَسْأَلَةَ الْمُرَابَحَةِ فَبِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ تَوْلِيَةً فِي الْقَلْبِ بِصَرْفِ الرِّبْحِ كُلِّهِ إلَى الثَّوْبِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>