قَالَ (وَتَنْعَقِدُ إذَا قَالَ تَكَفَّلْت بِنَفْسِ فُلَانٍ أَوْ بِرَقَبَتِهِ أَوْ بِرُوحِهِ أَوْ بِجَسَدِهِ أَوْ بِرَأْسِهِ وَكَذَا بِبَدَنِهِ وَبِوَجْهِهِ) لِأَنَّ هَذِهِ الْأَلْفَاظَ يُعَبَّرُ بِهَا عَنْ الْبَدَنِ إمَّا حَقِيقَةً أَوْ عُرْفًا عَلَى مَا مَرَّ فِي الطَّلَاقِ، كَذَا إذَا قَالَ
وَالْحَاجَةُ وَهِيَ إحْيَاءُ حُقُوقِ الْعِبَادِ مَاسَّةٌ فَلَمْ يَبْقَ الْقَوْلُ بِعَدَمِ الْجَوَازِ إلَّا تَعَنُّتًا وَعِنَادًا.
قَالَ: (وَتَنْعَقِدُ إذَا قَالَ تَكَفَّلْت بِنَفْسِ فُلَانٍ إلَخْ) لَمَّا فَرَغَ مِنْ أَنْوَاعِ الْكَفَالَةِ شَرَعَ فِي ذِكْرِ الْأَلْفَاظِ الْمُسْتَعْمَلَةِ فِيهَا، وَهِيَ فِي ذَلِكَ عَلَى قِسْمَيْنِ: قِسْمٌ يُعَبَّرُ بِهِ عَنْ الْبَدَنِ حَقِيقَةً كَقَوْلِهِ تَكَفَّلْت بِنَفْسِ فُلَانٍ أَوْ بِجَسَدِهِ أَوْ بِبَدَنِهِ، وَقِسْمٌ يُعَبَّرُ عَنْهُ عُرْفًا كَقَوْلِهِ تَكَفَّلْت بِوَجْهِهِ وَبِرَأْسِهِ وَبِرَقَبَتِهِ. فَإِنَّ كُلًّا مِنْهَا مَخْصُوصٌ بِعُضْوٍ خَاصٍّ فَلَا يَشْمَلُ الْكُلَّ حَقِيقَةً لَكِنَّهُ يَشْمَلُهُ بِطَرِيقِ الْعُرْفِ، وَكَذَا إذَا عَبَّرَ بِجُزْءٍ شَائِعٍ كَنِصْفٍ أَوْ ثُلُثٍ؛ لِأَنَّ النَّفْسَ الْوَاحِدَةَ فِي حَقِّ الْكَفَالَةِ لَا تَتَجَزَّأُ، فَكَانَ ذِكْرُ بَعْضِهَا شَائِعًا كَذِكْرِ كُلِّهَا كَمَا مَرَّ فِي الطَّلَاقِ مِنْ صِحَّةِ إضَافَتِهِ إلَيْهِ، بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ تَكَفَّلْت بِيَدِ فُلَانٍ أَوْ بِرِجْلِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعَبَّرُ بِهِمَا عَنْ الْبَدَنِ حَتَّى لَا تَصِحُّ إضَافَةُ الطَّلَاقِ إلَيْهِمَا، وَكَذَا تَنْعَقِدُ إذَا قَالَ ضَمِنْته؛ لِأَنَّهُ صَرِيحٌ بِمُوجِبِ عَقْدِ الْكَفَالَةِ، وَكَذَا إذَا قَالَ عَلَيَّ؛ لِأَنَّهُ صِيغَةُ الِالْتِزَامِ، وَكَذَا إذَا قَالَ إلَيَّ؛ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى عَلَيَّ، فِي هَذَا الْمَقَامِ قَالَ ﷺ «مَنْ تَرَكَ مَالًا فَلِوَرَثَتِهِ، وَمَنْ تَرَكَ كَلًّا أَوْ عِيَالًا فَإِلَيَّ» وَالْكَلُّ: الْيَتِيمُ، وَالْعِيَالُ: مَنْ يَعُولُ: أَيْ يُنْفِقُ عَلَيْهِ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ عَطْفَ تَفْسِيرٍ فَيَكُونُ الْمُرَادُ بِهِمَا الْعِيَالَ، وَكَذَا إذَا قَالَ أَنَا زَعِيمٌ بِهِ؛ لِأَنَّ الزَّعَامَةَ هِيَ الْكَفَالَةُ، وَقَدْ رَوَيْنَا فِيهِ أَوْ قَبِيلٌ؛ لِأَنَّ الْقَبِيلَ هُوَ الْكَفِيلُ وَلِهَذَا سُمِّيَ الصَّكُّ قُبَالَةً، بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ أَنَا ضَامِنٌ لَك لِمَعْرِفَةِ فُلَانٍ؛ لِأَنَّهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute