للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَوْ غَابَ الْمَكْفُولُ بِنَفْسِهِ أَمْهَلَهُ الْحَاكِمُ مُدَّةَ ذَهَابِهِ وَمَجِيئِهِ، فَإِنْ مَضَتْ وَلَمْ يُحْضِرْهُ يَحْبِسُهُ لِتَحَقُّقِ امْتِنَاعِهِ عَنْ إيفَاءِ الْحَقِّ. قَالَ (وَكَذَا إذَا ارْتَدَّ وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ وَلَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ) وَهَذَا لِأَنَّهُ عَاجِزٌ فِي الْمُدَّةِ فَيُنْظَرُ كَاَلَّذِي أُعْسِرَ، وَلَوْ سَلَّمَهُ قَبْلَ ذَلِكَ بَرِئَ لِأَنَّ الْأَجَلَ حَقُّهُ فَيَمْلِكُ إسْقَاطَهُ كَمَا فِي الدَّيْنِ الْمُؤَجَّلِ.

قَالَ (وَإِذَا أَحْضَرَهُ وَسَلَّمَهُ فِي مَكَان يَقْدِرُ الْمَكْفُولُ لَهُ

فَإِذَا عَلِمَ ذَلِكَ وَامْتَنَعَ، فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ لِعَجْزٍ أَوْ مَعَ قُدْرَةٍ، فَإِنْ كَانَ الثَّانِي حَبَسَهُ الْحَاكِمُ، وَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ فَإِمَّا أَنْ يَعْلَمَ مَكَانَهُ أَوْ لَا، فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ أَمْهَلَهُ الْحَاكِمُ مُدَّةَ ذَهَابِهِ وَمَجِيئِهِ، فَإِنْ مَضَتْ الْمُدَّةُ وَلَمْ يُحْضِرْهُ حَبَسَهُ لِتَحَقُّقِ امْتِنَاعِهِ عَنْ إيفَاءِ الْحَقِّ، وَإِنْ كَانَ الثَّانِي فَالطَّالِبُ إمَّا أَنْ يُوَافِقَهُ عَلَى ذَلِكَ أَوْ لَا، فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ سَقَطَتْ الْمُطَالَبَةُ عَنْ الْكَفِيلِ لِلْحَالِ حَتَّى يُعْرَفَ مَكَانُهُ لِتَصَادُقِهِمَا عَلَى الْعَجْزِ عَنْ التَّسْلِيمِ لِلْحَالِ، وَإِنْ كَانَ الثَّانِي فَقَالَ الْكَفِيلُ لَا أَعْرِفُ مَكَانَهُ وَقَالَ الطَّالِبُ تَعْرِفُهُ، فَإِنْ كَانَتْ لَهُ خُرْجَةٌ مَعْرُوفَةٌ يَخْرُجُ مَعَهَا إلَى مَوْضِعٍ مَعْلُومٍ لِلتِّجَارَةِ فِي كُلِّ وَقْتٍ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الطَّالِبِ وَيُؤْمَرُ الْكَفِيلُ بِالذَّهَابِ إلَى ذَلِكَ الْمَوْضِعِ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ شَاهِدٌ لَهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مَعْرُوفًا مِنْهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْكَفِيلِ؛ لِأَنَّهُ مُتَمَسِّكٌ بِالْأَصْلِ وَهُوَ الْجَهْلُ بِالْمَكَانِ وَمُنْكِرٌ لُزُومَ الْمُطَالَبَةِ إيَّاهُ.

وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يُلْتَفَتُ إلَى قَوْلِ الْكَفِيلِ وَيَحْبِسُهُ الْحَاكِمُ إلَى أَنْ يَظْهَرَ عَجْزُهُ؛ لِأَنَّ الْمُطَالَبَةَ كَانَتْ مُتَوَجِّهَةً عَلَيْهِ فَلَا يُصَدَّقُ عَلَى إسْقَاطِهَا عَنْ نَفْسِهِ بِمَا يَقُولُ، فَإِنْ أَقَامَ الطَّالِبُ بَيِّنَةً أَنَّهُ فِي مَوْضِعِ كَذَا أَمَرَ الْكَفِيلَ بِالذَّهَابِ إلَيْهِ وَإِحْضَارِهِ اعْتِبَارًا لِلثَّابِتِ بِالْبَيِّنَةِ بِالثَّابِتِ مُعَايَنَةً. قَالَ (وَإِذَا أَحْضَرَهُ وَسَلَّمَهُ فِي مَكَان إلَخْ) إذَا أَحْضَرَ الْكَفِيلُ الْمَكْفُولَ بِنَفْسِهِ وَسَلَّمَهُ فِي مَكَان يَقْدِرُ الْمَكْفُولُ لَهُ أَنْ يُخَاصِمَهُ مِثْلِ أَنْ يَكُونَ فِي مِصْرٍ بَرِيءَ الْكَفِيلُ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ

<<  <  ج: ص:  >  >>