وَلَنَا أَنَّهُ يُشْبِهُ الْبَيْعَ وَيُشْبِهُ النَّذْرَ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ الْتِزَامٌ. فَقُلْنَا: لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ بِمُطْلَقِ الشَّرْطِ كَهُبُوبِ الرِّيحِ وَنَحْوِهِ. وَيَصِحُّ بِشَرْطٍ مُتَعَارَفٍ عَمَلًا بِالشَّبَهَيْنِ وَالتَّعْلِيقُ بِعَدَمِ الْمُوَافَاةِ مُتَعَارَفٌ.
الْكَفَالَةِ بِالْمَالِ بِعَدَمِ الْمُوَافَاةِ صَحِيحٌ؛ لِأَنَّهُ شَرْطٌ مُتَعَارَفٌ. وَسَنَذْكُرُ أَنَّ تَعْلِيقَ الْكَفَالَةِ بِشَرْطٍ مُتَعَارَفٍ صَحِيحٌ، فَإِذَا صَحَّ التَّعْلِيقُ وَوُجِدَ الشَّرْطُ لَزِمَهُ الْمَالُ. وَعَلَى الثَّانِي قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ وُجُوبَ الْمَالِ عَلَيْهِ بِالْكَفَالَةِ لَا يُنَافِي الْكَفَالَةَ بِنَفْسِهِ، وَتَقْرِيرُهُ أَنَّ الْكَفَالَةَ بِالنَّفْسِ لَمَّا تَحَقَّقَتْ حَقًّا لِلْمَكْفُولِ لَهُ لَا تَبْطُلُ إلَّا بِمَا يُنَافِيهَا مِنْ التَّسْلِيمِ أَوْ إبْرَاءٍ أَوْ مَوْتٍ. وَلَيْسَتْ الْكَفَالَةُ بِالْمَالِ مُنَافِيَةً لَهُمَا لِاجْتِمَاعِهِمَا؛ وَلِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا لِلتَّوَثُّقِ فَلَا تُبْطِلُهَا وَكَيْفَ تُبْطِلُهَا وَقَدْ يَكُونُ لَهُ عَلَيْهِ مُطَالَبَاتٌ أُخْرَى وَإِبْطَالُهَا يُفْضِي إلَى الضَّرَرِ بِالْمَكْفُولِ لَهُ وَهُوَ مَدْفُوعٌ. وَعُورِضَ بِأَنَّ الْكَفَالَةَ بِالْمَالِ تَثْبُتُ بَدَلًا عَنْ الْكَفَالَةِ بِالنَّفْسِ، وَوُجُوبُ الْبَدَلِ يُنَافِي وُجُوبُ الْمُبْدِلِ مِنْهُ كَمَا فِي خِصَالِ الْكَفَّارَةِ.
وَأُجِيبَ بِأَنَّ بَدَلِيَّتَهَا مَمْنُوعَةٌ، فَإِنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَشْرُوعٌ لِلتَّوَثُّقِ كَمَا مَرَّ كَكَفَالَةِ بِالنَّفْسِ بَعْدَ مِثْلِهَا وَبِأَنَّ اجْتِمَاعَهَا صَحِيحٌ وَالْوَفَاءُ بِهِمَا إذْ ذَاكَ وَاجِبٌ، بِخِلَافِ خِصَالِ الْكَفَّارَةِ عَلَى الصَّحِيحِ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: هَذِهِ الْكَفَالَةُ: أَيْ الْمُعَلَّقَةُ بِالشَّرْطِ لَا تَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ أَيْ تَعْلِيقَ الْكَفَالَةِ تَعْلِيقُ سَبَبِ وُجُوبِ الْمَالِ بِالْخَطَرِ فَأَشْبَهَ الْبَيْعَ فِي لُزُومِ الْمَالِ بِالْعِوَضِ بِالرُّجُوعِ عَلَى الْأَصِيلِ إذَا كَانَ بِأَمْرِهِ وَتَعْلِيقُ سَبَبِ وُجُوبِ الْمَالِ بِالْخَطَرِ فِي الْبَيْعِ لَا يَجُوزُ فَكَذَا هَاهُنَا.
الْجَوَابُ أَنَّا لَا نُسَلِّمُ أَنَّ فِيهِ تَعْلِيقَ سَبَبِ وُجُوبِ الْمَالِ بِالْخَطَرِ؛ لِأَنَّ الْكَفَالَةَ عِنْدَنَا الْتِزَامُ الْمُطَالَبَةِ لَا الْتِزَامُ الْمَالِ. سَلَّمْنَاهُ، وَلَكِنْ أَشْبَهَ الْبَيْعَ مُطْلَقًا أَوْ مِنْ وَجْهٍ، وَالْأَوَّلُ مَمْنُوعٌ وَالثَّانِي يُفِيدُ الْمَطْلُوبَ؛ لِأَنَّهُ يُشْبِهُ الْبَيْعَ مِنْ وَجْهٍ كَمَا مَرَّ، وَيُشْبِهُ النَّذْرَ مِنْ حَيْثُ الِالْتِزَامُ، فَشَبَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute