للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَا تَصِحُّ الْكَفَالَةُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ وَإِنْ بَيَّنَهَا وَلِأَنَّهُ لَمْ تَصِحَّ الدَّعْوَى مِنْ غَيْرِ بَيَانٍ فَلَا يَجِبُ إحْضَارُ النَّفْسِ، وَإِذَا لَمْ يَجِبْ لَا تَصِحُّ الْكَفَالَةُ بِالنَّفْسِ فَلَا تَصِحُّ بِالْمَالِ لِأَنَّهُ بِنَاءٌ عَلَيْهِ، بِخِلَافِ مَا إذَا بَيَّنَ. وَلَهُمَا أَنَّ الْمَالَ ذُكِرَ مُعَرَّفًا فَيَنْصَرِفُ إلَى مَا عَلَيْهِ، وَالْعَادَةُ جَرَتْ بِالْإِجْمَالِ فِي الدَّعَاوَى فَتَصِحُّ الدَّعْوَى عَلَى اعْتِبَارِ الْبَيَانِ، فَإِذَا بَيَّنَ الْتَحَقَ الْبَيَانُ بِأَصْلِ الدَّعْوَى فَتَبَيَّنَ صِحَّةُ الْكَفَالَةِ الْأُولَى فَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا الثَّانِيَةُ.

بَيَانٍ غَيْرُ صَحِيحَةٍ، فَلَمْ يَجِبْ إحْضَارُ النَّفْسِ وَحِينَئِذٍ لَا تَصِحُّ الْكَفَالَةُ بِالنَّفْسِ فَلَا يَصِحُّ مَا يَنْبَنِي عَلَيْهَا، وَهَذَا مَنْسُوبٌ إلَى الشَّيْخِ الْإِمَامِ أَبِي الْحَسَنِ الْكَرْخِيِّ، وَهُوَ يَقْتَضِي الصِّحَّةَ إذَا كَانَ الْمَالُ مَعْلُومًا عِنْدَ الدَّعْوَى. وَلَهُمَا أَنَّ الْمَالَ ذَكَرَهُ مُعَرَّفًا؛ لِأَنَّهُ قَالَ: فَعَلَيَّ الْمِائَةُ فَيَنْصَرِفُ إلَى مَا عَلَيْهِ وَتَكُونُ النِّسْبَةُ مَوْجُودَةً فَخَرَجَ عَنْ كَوْنِهِ رِشْوَةً، فَكَانَ الْمَالُ مَعْلُومًا وَالدَّعْوَى صَحِيحَةً فَصَحَّتْ الْكَفَالَةُ بِالنَّفْسِ وَالْكَفَالَةُ بِالْمَالِ لِكَوْنِهَا مَبْنِيَّةً عَلَى الْأُولَى. وَهَذِهِ النُّكْتَةُ فِي مُقَابَلَةِ النُّكْتَةِ الْأُولَى لِمُحَمَّدٍ، وَقَوْلُهُ: وَالْعَادَةُ جَرَتْ فِي مُقَابَلَةِ الثَّانِيَةِ.

وَتَقْرِيرُهُ أَنَّ الْمَالَ إذَا لَمْ يَكُنْ مَعْلُومًا لَا بَأْسَ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْعَادَةَ جَرَتْ بِالْإِجْمَالِ فِي الدَّعَاوَى فِي غَيْرِ مَجْلِسِ الْقَضَاءِ دَفْعًا لِحِيَلِ الْخُصُومِ وَالْبَيَانُ عِنْدَ الْحَاجَةِ فِي مَجْلِسِ الْقَضَاءِ فَتَصِحُّ الدَّعْوَى عَلَى اعْتِبَارِ الْبَيَانِ، فَإِذَا بَيَّنَ اُلْتُحِقَ الْبَيَانُ بِأَصْلِ الدَّعْوَى فَكَأَنَّهُ أَرَادَ بِالْمِائَةِ الْمُطْلَقَةِ فِي الِابْتِدَاءِ الْمِائَةَ الَّتِي يَدَّعِيهَا وَبَيَّنَهَا فِي الْآخِرَةِ، وَعَلَى هَذَا صَحَّتْ الْكَفَالَةُ بِالنَّفْسِ وَالْمَالِ جَمِيعًا، وَيَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>