قَالَ (وَالرَّهْنُ وَالْكَفَالَةُ جَائِزَانِ فِي الْخَرَاجِ) لِأَنَّهُ دَيْنٌ مُطَالَبٌ بِهِ مُمْكِنُ الِاسْتِيفَاءِ فَيُمْكِنُ تَرْتِيبُ مُوجِبِ الْعَقْدِ عَلَيْهِ فِيهِمَا.
قَالَ (وَمَنْ أَخَذَ مِنْ رَجُلٍ كَفِيلًا بِنَفْسِهِ ثُمَّ ذَهَبَ فَأَخَذَ مِنْهُ كَفِيلًا آخَرَ فَهُمَا كَفِيلَانِ) لِأَنَّ مُوجِبَهُ الْتِزَامُ
لَا يُحْبَسُ فِي الْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ بِشَهَادَةِ الْوَاحِدِ عِنْدَهُمَا؛ لِأَنَّ أَخْذَ الْكَفِيلِ لَمَّا جَازَ عِنْدَهُمَا جَازَ أَنْ يَسْتَوْثِقَ بِهِ فَيُسْتَغْنَى عَنْ الْحَبْسِ. وَقِيلَ مَعْنَى كَلَامِهِ أَنَّ فِي الْحَبْسِ فِي الْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ عَنْهُمَا رِوَايَتَيْنِ: فِي رِوَايَةٍ يُحْبَسُ وَلَا يُكْفَلُ، وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى عَكْسُهُ لِحُصُولِ الِاسْتِيثَاقِ بِأَحَدِهِمَا، وَفِي دَلَالَةِ كَلَامِهِ عَلَى ذَلِكَ خَفَاءٌ لَا مَحَالَةَ.
قَالَ (وَالرَّهْنُ وَالْكَفَالَةُ جَائِزَانِ فِي الْخَرَاجِ إلَخْ) أَوْرَدَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ هَاهُنَا دَفْعًا لِمَا عَسَى يُتَوَهَّمُ أَنَّ أَخَذَ الْكَفِيلِ عَنْ الْخَرَاجِ لَا يَصِحُّ لِكَوْنِهِ فِي حُكْمِ الصَّلَاةِ دُونَ الدُّيُونِ الْمُطْلَقَةِ فَإِنَّ صِحَّةَ الْكَفَالَةِ تَقْتَضِي دَيْنًا مُطَالَبًا بِهِ مُطْلَقًا وَالْخَرَاجُ كَذَلِكَ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ يُحْبَسُ بِهِ وَيُمْنَعُ وُجُوبُ الزَّكَاةِ وَيُلَازَمُ مَنْ عَلَيْهِ لِأَجْلِهِ فَصَحَّتْ الْكَفَالَةُ عَنْهُ، وَإِنَّمَا قِيلَ مُطْلَقًا يَعْنِي فِي الْحَيَاةِ وَالْمَمَاتِ احْتِرَازًا عَنْ الزَّكَاةِ فَإِنَّهَا يُطَالَبُ بِهَا، أَمَّا فِي الْأَمْوَالِ الظَّاهِرَةِ فَالْمُطَالِبُ هُوَ الْإِمَامُ، وَأَمَّا فِي الْبَاطِنَةِ فَمُلَّاكُهَا لِكَوْنِهِمْ نُوَّابَ الْإِمَامِ، وَالْكَفَالَةُ بِهَا لَا تَجُوزُ؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ مُطَالَبٍ بِهَا بَعْدَ الْمَوْتِ، وَلَمَّا كَانَ الرَّهْنُ تَوْثِيقًا كَالْكَفَالَةِ اسْتَطْرَدَ بِذِكْرِهِ فِي بَابِ الْكَفَالَةِ، فَقَوْلُهُ: (؛ لِأَنَّهُ دَيْنٌ مُطَالَبٌ بِهِ) إشَارَةٌ إلَى صِحَّةِ الْكَفَالَةِ، فَإِنَّ كُلَّ دَيْنٍ صَحِيحٍ تَصِحُّ الْمُطَالَبَةُ بِهِ فِي الْحَيَاةِ، وَالْمَمَاتِ تَصِحُّ الْكَفَالَةُ بِهِ بِالِاسْتِقْرَاءِ وَلِوُجُودِ مَا شُرِعَ الْكَفَالَةُ لِأَجْلِهِ فِيهِ. وَقَوْلُهُ: (مُمْكِنُ الِاسْتِيفَاءِ) إشَارَةٌ إلَى صِحَّةِ الرَّهْنِ فَإِنَّهَا تَعْتَمِدُ إمْكَانَ الِاسْتِيفَاءِ لِكَوْنِهِ تَوْثِيقًا بِجَانِبِ الِاسْتِيفَاءِ فَيَتَرَتَّبُ مُوجِبُ الْعَقْدِ فِي الرَّهْنِ وَالْكَفَالَةِ عَلَيْهِ. قِيلَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لَفٌّ وَنَشْرٌ مُشَوَّشٌ وَلَا بُعْدَ فِي قَصْدِهِ ذَلِكَ.
قَالَ (وَمَنْ أَخَذَ مِنْ رَجُلٍ كَفِيلًا بِنَفْسِهِ إلَخْ) تَعَدُّدُ الْكُفَلَاءِ عَنْ شَخْصٍ وَاحِدٍ صَحِيحٌ كَفَلُوا جُمْلَةً أَوْ عَلَى التَّعَاقُبِ؛ لِأَنَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute