(فَإِنْ قَالَ تَكَفَّلْت بِمَا لَك عَلَيْهِ فَقَامَتْ الْبَيِّنَةُ بِأَلْفٍ عَلَيْهِ ضَمِنَهُ الْكَفِيلُ) لِأَنَّ الثَّابِتَ بِالْبَيِّنَةِ كَالثَّابِتِ مُعَايَنَةً فَيَتَحَقَّقُ مَا عَلَيْهِ فَيَصِحُّ الضَّمَانُ بِهِ (وَإِنْ لَمْ تَقُمْ الْبَيِّنَةُ
وَفِي كَلَامِهِ نَظَرٌ مِنْ أَوْجُهٍ: الْأَوَّلُ أَنَّ قَوْلَهُ لَا يَصِحُّ التَّعْلِيقُ يَقْتَضِي نَفْيَ جَوَازِ التَّعْلِيقِ لَا نَفْيَ جَوَازِ الْكَفَالَةِ مَعَ أَنَّ الْكَفَالَةَ لَا تَجُوزُ. الثَّانِي أَنَّ قَوْلَهُ وَكَذَا إذَا جَعَلَ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ فَأَمَّا لَا يَصِحُّ فَيَكُونُ تَقْدِيرُهُ وَكَذَا لَا يَصِحُّ إذَا جَعَلَ، وَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ فَاعِلُ يَصِحُّ هُوَ التَّعْلِيقَ أَوْ الْكَفَالَةَ إذَا لَمْ يَذْكُرْ ثَالِثًا. وَالْأَوَّلُ لَا يَجُوزُ إذْ لَا مَعْنَى لِقَوْلِهِ وَكَذَا لَا يَصِحُّ التَّعْلِيقُ إذَا جَعَلَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَجَلًا. وَالثَّانِي كَذَلِكَ لِقَوْلِهِ بَعْدَهُ إلَّا أَنَّهُ تَصِحُّ الْكَفَالَةُ. وَالثَّالِثُ أَنَّ الدَّلِيلَ لَا يُطَابِقُ الْمَدْلُولَ؛ لِأَنَّ الْمَدْلُولَ بُطْلَانُ الْأَجَلِ مَعَ صِحَّةِ الْكَفَالَةِ وَالدَّلِيلُ صِحَّةُ تَعْلِيقِهَا بِالشَّرْطِ وَعَدَمُ بُطْلَانِهَا بِالشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ. وَمَعَ ذَلِكَ فَلَيْسَ بِمُسْتَقِيمٍ؛ لِأَنَّهَا تَبْطُلُ بِالشَّرْطِ الْمَحْضِ وَهُوَ أَوَّلُ الْمَسْأَلَةِ. وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ عَنْ الْأَوَّلِ بِأَنَّ حَاصِلَ الْكَلَامِ نَفْيُ جَوَازِ الْكَفَالَةِ الْمُعَلَّقَةِ بِهِمَا، وَالْمَجْمُوعُ يَنْتَفِي بِانْتِفَاءِ جُزْئِهِ. لَا يُقَالُ: نَفْيُ الْكَفَالَةِ الْمُؤَجَّلَةِ كَنَفْيِ الْمُعَلَّقَةِ وَلَا تَنْتَفِي الْكَفَالَةُ بِانْتِفَاءِ الْأَجَلِ؛ لِأَنَّ الْإِيجَابَ الْمُعَلَّقَ نَوْعٌ، إذْ التَّعْلِيقُ يُخْرِجُ الْعِلَّةَ عَنْ الْعَلِيَّةِ كَمَا عُرِفَ فِي مَوْضِعِهِ وَالْأَجَلُ عَارِضٌ بَعْدَ الْعَقْدِ فَلَا يَلْزَمُ مِنْ انْتِفَائِهِ انْتِفَاءُ مَعْرُوضِهِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الصَّرْفِ مَا يُقَارِبُهُ إنْ كَانَ عَلَى ذِكْرٍ مِنْك.
وَعَنْ الثَّانِي بِأَنَّ فَاعِلَ يَصِحُّ الْمُقَدَّرَ هُوَ الْأَجَلُ، وَتَقْدِيرُهُ: وَكَمَا لَا يَصِحُّ التَّعْلِيقُ لَا يَصِحُّ الْأَجَلُ إذَا جَعَلَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَجَلًا. وَعَنْ الثَّالِثِ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالتَّعْلِيقِ بِالشَّرْطِ الْأَجَلُ مَجَازًا بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ (وَيَجِبُ الْمَالُ حَالًا) وَتَقْدِيرُهُ؛ لِأَنَّ الْكَفَالَةَ لَمَّا صَحَّ تَأْجِيلُهَا بِأَجَلٍ مُتَعَارَفٍ لَمْ تَبْطُلْ بِالْآجَالِ الْفَاسِدَةِ كَالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ، وَيُجَوِّزُ الْمَجَازُ عَدَمَ الثُّبُوتِ فِي الْحَالِ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا.
(فَإِنْ قَالَ تَكَفَّلْت بِمَا لَك عَلَيْهِ فَقَامَتْ الْبَيِّنَةُ بِأَلْفٍ ضَمِنَهُ الْكَفِيلُ؛ لِأَنَّ الثَّابِتَ بِالْبَيِّنَةِ كَالثَّابِتِ مُعَايَنَةً) وَلَوْ عَايَنَ مَا عَلَيْهِ وَكَفَلَ عَنْهُ لَزِمَهُ مَا عَلَيْهِ فَكَذَلِكَ إذَا ثَبَتَ بِالْبَيِّنَةِ فَصَحَّ الضَّمَانُ بِهِ (وَإِنْ لَمْ تَقُمْ الْبَيِّنَةُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute