لِأَنَّهُ الْتَزَمَ فِعْلًا وَاجِبًا.
قَالَ (وَمَنْ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً لِلْحَمْلِ عَلَيْهَا، فَإِنْ كَانَتْ بِعَيْنِهَا لَا تَصِحُّ الْكَفَالَةُ بِالْحَمْلِ) لِأَنَّهُ عَاجِزٌ عَنْهُ (وَإِنْ كَانَتْ بِغَيْرِ عَيْنِهَا جَازَتْ الْكَفَالَةُ) لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ الْحَمْلُ عَلَى دَابَّةِ نَفْسِهِ وَالْحَمْلُ هُوَ الْمُسْتَحِقُّ (وَكَذَا مَنْ اسْتَأْجَرَ عَبْدًا لِلْخِدْمَةِ فَكَفَلَ لَهُ رَجُلٌ بِخِدْمَتِهِ فَهُوَ بَاطِلٌ) لِمَا بَيَّنَّا.
عَلَى رِوَايَةٍ أَقْوَى مِنْ ذَلِكَ فَاخْتَارَهَا (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ الْتَزَمَ فِعْلًا وَاجِبًا) دَلِيلٌ لِمَا ذَكَرَهُ، وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى التَّفْرِقَةِ بَيْنَ مَا يَكُونُ وَاجِبَ التَّسْلِيمِ وَمَا لَا يَكُونُ. كَمَا فَصَّلْنَاهُ.
(قَوْلُهُ: وَمَنْ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً لِلْحَمْلِ) عُلِمَ أَنَّ مَنْ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً مُعَيَّنَةً لِلْحَمْلِ فَكَفَلَ بِتَسْلِيمِهَا رَجُلٌ صَحَّتْ لِمَا تَقَدَّمَ آنِفًا، وَإِنْ اسْتَأْجَرَ غَيْرَ مُعَيَّنَةٍ لِلْحَمْلِ فَكَفَلَ رَجُلٌ بِالْحَمْلِ فَكَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَحَقَّ هُوَ الْحَمْلُ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَيْهِ بِالْحَمْلِ عَلَى دَابَّةِ نَفْسِهِ، وَإِنْ اسْتَأْجَرَهَا مُعَيَّنَةً لِلْحَمْلِ فَكَفَلَ بِالْحَمْلِ لَمْ يَصِحَّ قَالَ الْمُصَنِّفُ (لِأَنَّهُ) أَيْ الْكَفِيلَ (عَاجِزٌ عَنْهُ) أَيْ عَنْ الْحَمْلِ عَلَى الدَّابَّةِ الْمُعَيَّنَةِ؛ لِأَنَّ الدَّابَّةَ الْمُعَيَّنَةَ لَيْسَتْ فِي مِلْكِهِ، وَالْحَمْلُ عَلَى دَابَّةِ نَفْسِهِ لَيْسَ بِحَمْلٍ عَلَى تِلْكَ الدَّابَّةِ، وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ عَدَمَ الْقُدْرَةِ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ مِلْكَ الْغَيْرِ لَوْ مَنَعَ صِحَّتَهَا لَمَا صَحَّتْ بِالْأَعْيَانِ مُطْلَقًا كَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ الشَّافِعِيُّ ﵀، وَاسْتَدَلَّ بِهِ عَلَى عَدَمِ جَوَازِهَا فِي الْأَعْيَانِ مُطْلَقًا، وَمَا ذُكِرَ فِي الْإِيضَاحِ جَوَابًا لِلشَّافِعِيِّ ﵀، وَهُوَ قَوْلُهُ: تَسْلِيمُ مَا الْتَزَمَهُ مُتَصَوَّرٌ فِي الْأَعْيَانِ الْمَضْمُونَةِ فِي الْجُمْلَةِ فَصَحَّ الْتِزَامُهُ؛ لِأَنَّ مَا يَلْزَمُهُ بِعَقْدِهِ يُعْتَبَرُ فِيهِ التَّصَوُّرُ غَيْرَ دَافِعٍ؛ لِأَنَّ تَسْلِيمَ مَا الْتَزَمَهُ مُتَصَوَّرٌ فِي الْجُمْلَةِ فَكَانَ الْوَاجِبُ صِحَّتَهَا فِيمَا نَحْنُ فِيهِ أَيْضًا (وَكَذَا إذَا اسْتَأْجَرَ عَبْدًا بِعَيْنِهِ لِلْخِدْمَةِ فَكَفَلَ لَهُ رَجُلٌ بِخِدْمَتِهِ لَمْ تَصِحَّ لِمَا بَيَّنَّا)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute