قَالَ (وَلَا تَصِحُّ الْكَفَالَةُ إلَّا بِقَبُولِ الْمَكْفُولِ لَهُ فِي الْمَجْلِسِ) وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ ﵀ آخِرًا: يَجُوزُ إذَا بَلَغَهُ أَجَازَ، وَلَمْ يَشْتَرِطْ فِي بَعْضِ النُّسَخِ الْإِجَازَةَ، وَالْخِلَافُ فِي الْكَفَالَةِ بِالنَّفْسِ وَالْمَالِ جَمِيعًا. لَهُ أَنَّهُ تَصَرُّفُ الْتِزَامٍ فَيَسْتَبِدُّ بِهِ الْمُلْتَزِمُ، وَهَذَا وَجْهُ هَذِهِ الرِّوَايَةِ عَنْهُ. وَوَجْهُ التَّوَقُّفِ مَا ذَكَرْنَاهُ فِي الْفُضُولِيِّ
أَنَّهُ عَاجِزٌ عَمَّا كَفَلَ بِهِ.
قَالَ (وَلَا تَصِحُّ الْكَفَالَةُ إلَّا بِقَبُولِ الْمَكْفُولِ لَهُ فِي الْمَجْلِسِ إلَخْ) لَا تَصِحُّ الْكَفَالَةُ إلَّا بِقَبُولِ الْمَكْفُولِ لَهُ فِي الْمَجْلِسِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ أَوَّلًا، وَقَالَ آخِرًا: تَجُوزُ إذَا أَجَازَ حِينَ بَلَغَهُ، وَلَمْ يَشْتَرِطْ فِي بَعْضِ النُّسَخِ الْإِجَازَةَ. قِيلَ: أَيْ نُسَخِ كَفَالَةِ الْمَبْسُوطِ. وَفِيهِ تَنْوِيهٌ بِأَنَّ نُسَخَ كَفَالَةِ الْمَبْسُوطِ لَمْ تَتَعَدَّدْ وَإِنَّمَا هِيَ نُسْخَةٌ وَاحِدَةٌ، فَالْمَوْجُودُ فِي بَعْضِهَا دُونَ بَعْضٍ يَدُلُّ عَلَى تَرْكِهِ فِي بَعْضٍ أَوْ زِيَادَتِهِ فِي آخَرَ، وَذَكَرَ فِي الْإِيضَاحِ.
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: يَجُوزُ، ثُمَّ قَالَ: وَذَكَرَ قَوْلَهُ فِي الْأَصْلِ فِي مَوْضِعَيْنِ، فَشَرَطَ الْإِجَازَةَ فِي أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ، وَعَلَى هَذَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ تَقْدِيرُ كَلَامِهِ فِي بَعْضِ مَوَاضِعِ نُسَخِ الْمَبْسُوطِ، وَهَذَا الْخِلَافُ ثَابِتٌ بَيْنَهُمْ فِي الْكَفَالَةِ بِالنَّفْسِ وَالْمَالِ جَمِيعًا. لِأَبِي يُوسُفَ ﵀ فِي وَجْهِ الرِّوَايَةِ الَّتِي لَمْ تَشْتَرِطْ الْإِجَازَةَ فِيهَا أَنَّهُ تَصَرُّفُ الْتِزَامٍ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَكُلُّ مَا هُوَ كَذَلِكَ يَسْتَبِدُّ بِهِ الْمُلْتَزِمُ كَالْإِقْرَارِ وَالنَّذْرِ فَهَذَا يَسْتَبِدُّ بِهِ الْمُلْتَزِمُ وَمُنِعَ كَوْنُهُ الْتِزَامًا فَقَطْ، وَبِأَنَّ الْإِقْرَارَ إخْبَارٌ عَنْ وَاجِبٍ سَابِقٍ وَالْإِخْبَارُ يَتِمُّ بِالْمُخْبَرِ وَالنَّذْرُ مِنْ الْعِبَادَاتِ، وَمَنْ لَهُ الْعِبَادَاتُ لَا يَشْتَرِطُ قَبُولَهُ لِعَدَمِ الْعِلْمِ بِهِ.
وَلَهُ فِي وَجْهٍ رِوَايَةُ التَّوَقُّفِ عَلَى الْإِجَازَةِ مَا ذَكَرْنَا فِي الْفُضُولِيِّ فِي النِّكَاحِ وَهُوَ أَنْ يُجْعَلَ كَلَامُ الْوَاحِدِ كَالْعَقْدِ التَّامِّ فَيَتَوَقَّفُ عَلَى مَا وَرَاءَ الْمَجْلِسِ؛ لِأَنَّهُ لَا ضَرَرَ فِي هَذَا التَّوَقُّفِ عَلَى أَحَدٍ، وَمَنْعُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute