فِي النِّكَاحِ. وَلَهُمَا أَنَّ فِيهِ مَعْنَى التَّمْلِيكِ وَهُوَ تَمْلِيكُ الْمُطَالَبَةِ مِنْهُ فَيَقُومُ بِهِمَا جَمِيعًا وَالْمَوْجُودُ شَطْرُهُ فَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى مَا وَرَاءَ الْمَجْلِسِ (إلَّا فِي مَسْأَلَةٍ وَاحِدَةٍ وَهِيَ أَنْ يَقُولَ الْمَرِيضُ لِوَارِثِهِ تَكَفَّلْ عَنِّي بِمَا عَلَيَّ مِنْ الدَّيْنِ فَكَفَلَ بِهِ مَعَ غَيْبَةِ الْغُرَمَاءِ جَازَ) لِأَنَّ ذَلِكَ وَصِيَّةٌ فِي الْحَقِيقَةِ وَلِهَذَا تَصِحُّ وَإِنْ لَمْ يُسَمِّ الْمَكْفُولَ لَهُمْ، وَلِهَذَا قَالُوا: إنَّمَا تَصِحُّ إذَا كَانَ لَهُ مَالٌ أَوْ يُقَالُ إنَّهُ قَائِمٌ مَقَامَ الطَّالِبِ لِحَاجَتِهِ إلَيْهِ تَفْرِيغًا لِذِمَّتِهِ وَفِيهِ نَفْعُ الطَّالِبِ فَصَارَ كَمَا إذَا حَضَرَ بِنَفْسِهِ،
عَدَمِ الضَّرَرِ بِجَوَازِ رَفْعِ الْأَمْرِ إلَى قَاضٍ يَرَى بَرَاءَةَ الْأَصِيلِ عَنْ حَقِّ الطَّالِبِ، كَمَا هُوَ مَذْهَبُ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ فِي أَنَّ الْكَفَالَةَ إذَا صَحَّتْ بَرِئَ الْأَصِيلُ وَفِي ذَلِكَ ضَرَرٌ عَلَى الطَّالِبِ. وَلَهُمَا أَنَّ فِي عَقْدِ الْكَفَالَةِ مَعْنَى التَّمْلِيكِ؛ لِأَنَّ فِيهِ تَمْلِيكَ الْمُطَالَبَةِ مِنْ الطَّالِبِ فَلَا يَتِمُّ بَعْدَ الْإِيجَابِ إلَّا بِالْقَبُولِ، وَالْمَوْجُودُ شَطْرُ الْعَقْدِ فَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى مَا وَرَاءَ الْمَجْلِسِ، وَعَلَى هَذَا لَوْ قَبِلَهُ عَنْ الطَّالِبِ فُضُولِيٌّ تَوَقَّفَ عَلَى إجَازَتِهِ لِوُجُودِ شَطْرَيْهِ.
قَالَ (إلَّا فِي مَسْأَلَةٍ وَاحِدَةٍ إلَخْ) اسْتِثْنَاءٌ مِنْ قَوْلِهِ لَا تَصِحُّ الْكَفَالَةُ إلَّا بِقَبُولِ الْمَكْفُولِ لَهُ فَكَأَنَّهُ قَالَ: لَا يَصِحُّ ذَلِكَ عِنْدَهُمَا إلَّا فِي مَسْأَلَةٍ وَاحِدَةٍ اسْتِحْسَانًا. وَالْقِيَاسُ عَدَمُهَا لِمَا مَرَّ أَنَّ الطَّالِبَ غَيْرُ حَاضِرٍ فَلَا يَتِمُّ الضَّمَانُ إلَّا بِقَبُولِهِ، وَلِأَنَّ الصَّحِيحَ لَوْ قَالَ ذَلِكَ لِوَرَثَتِهِ أَوْ لِأَجْنَبِيٍّ لَمْ يَصِحَّ فَكَذَا الْمَرِيضُ. وَلِلِاسْتِحْسَانِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا أَنْ يُقَالَ إذَا قَالَ الْمَرِيضُ لِوَارِثِهِ تَكَفَّلْ عَنِّي بِمَا عَلَيَّ مِنْ الدَّيْنِ فَكَأَنَّهُ قَالَ أَوْفِ عَنِّي دَيْنِي وَذَلِكَ وَصِيَّةٌ فِي الْحَقِيقَةِ وَلِهَذَا يَصِحُّ وَإِنْ لَمْ يُسَمِّ الْمَكْفُولَ لَهُمْ، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ جَهَالَةَ الْمَكْفُولِ لَهُ تُفْسِدُ الْكَفَالَةَ، وَلِهَذَا قَالَ الْمَشَايِخُ: إنَّمَا تَصِحُّ هَذِهِ الْكَفَالَةُ إذَا كَانَ لَهُ مَالٌ عِنْدَ الْمَوْتِ تَصْحِيحًا لِمَعْنَى الْوَصِيَّةِ، وَإِذَا كَانَ فِي مَعْنَاهَا لَا يَكُونُ الْقَبُولُ فِي الْمَجْلِسِ شَرْطًا. قِيلَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ تَسَامُحٌ؛ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute