وَلَوْ قَبِلَ جَازَ عِنْدَنَا.
وَلَوْ كَانَ الْقَاضِي عَدْلًا فَفَسَقَ بِأَخْذِ الرِّشْوَةِ أَوْ غَيْرِهِ لَا يَنْعَزِلُ وَيَسْتَحِقُّ الْعَزْلَ، وَهَذَا هُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ مَشَايِخُنَا ﵏.
هَذَا كُلُّ مَا كَانَ مُتَأَهِّلًا لِلشَّهَادَةِ كَانَ أَهْلًا لِلْقَضَاءِ وَبِالْعَكْسِ فَالْفَاسِقُ أَهْلٌ لِلْقَضَاءِ لِأَهْلِيَّتِهِ لِلشَّهَادَةِ، حَتَّى لَوْ قُلِّدَ جَازَ، إلَّا أَنَّهُ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُقَلَّدَ؛ لِأَنَّهُ لَا يُؤْتَمَنُ فِي أَمْرِ الدِّينِ لِقِلَّةِ مُبَالَاتِهِ فِيهِ كَمَا فِي حُكْمِ الشَّهَادَةِ فَإِنَّهُ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَقْبَلَ الْقَاضِي شَهَادَتَهُ.
وَلَوْ قَبِلَ جَازَ عِنْدَنَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْعَدَالَةَ لَيْسَتْ مِنْ شَرَائِطِ الشَّهَادَةِ نَظَرًا إلَى أَهْلِ ذَلِكَ الْعَصْرِ الَّذِي شَهِدَ لَهُمْ ﷺ بِالْخَيْرِيَّةِ، وَإِلَى ظَاهِرِ حَالِ الْمُسْلِمِ فِي غَيْرِهِمْ.
وَلَوْ كَانَ عَدْلًا فَفَسَقَ بِأَخْذِ الرِّشْوَةِ بِضَمِّ الرَّاءِ وَكَسْرِهَا وَهِيَ مَعْرُوفَةٌ أَوْ غَيْرِهَا مِثْلِ الزِّنَا وَشُرْبِ الْخَمْرِ لَا يَنْعَزِلُ إذَا لَمْ يُشْتَرَطْ الْعَزْلُ عِنْدَ التَّقْلِيدِ بِتَعَاطِي الْمُحَرَّمِ وَيَسْتَحِقُّ الْعَزْلَ فَيَعْزِلُهُ مَنْ لَهُ الْأَمْرُ، وَهَذَا يَقْتَضِي نُفُوذَ أَحْكَامِهِ فِيمَا ارْتَشَى فِيهِ وَفِي غَيْرِهِ مَا لَمْ يُعْزَلْ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ الْإِمَامُ الْبَزْدَوِيُّ. وَقَوْلُهُ: وَهَذَا إشَارَةٌ إلَى أَنَّ اسْتِحْقَاقَ الْعَزْلِ دُونَ الْعَزْلِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ. وَرُوِيَ عَنْ الْكَرْخِيِّ أَنَّهُ يَنْعَزِلُ بِالْفِسْقِ وَهُوَ اخْتِيَارُ الطَّحَاوِيِّ وَعَلِيٍّ الرَّازِيِّ صَاحِبِ أَبِي يُوسُفَ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ إشَارَةً إلَى ذَلِكَ وَإِلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ جَوَازِ تَقْلِيدِ الْفَاسِقِ الْقَضَاءَ فَإِنَّ اخْتِيَارَ الطَّحَاوِيِّ أَنَّ الْفَاسِقَ إذَا قُلِّدَ الْقَضَاءَ لَا يَصِيرُ قَاضِيًا، وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ لِقَوْلِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute