وَقَالَ الشَّافِعِيُّ ﵀: الْفَاسِقُ لَا يَجُوزُ قَضَاؤُهُ كَمَا لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ عِنْدَهُ، وَعَنْ عُلَمَائِنَا الثَّلَاثَةِ ﵏ فِي النَّوَادِرِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ قَضَاؤُهُ. وَقَالَ بَعْضُ الْمَشَايِخِ ﵏: إذَا قُلِّدَ الْفَاسِقُ ابْتِدَاءً يَصِحُّ، وَلَوْ قُلِّدَ وَهُوَ عَدْلٌ يَنْعَزِلُ بِالْفِسْقِ لِأَنَّ الْمُقَلَّد اعْتَمَدَ عَدَالَتَهُ فَلَمْ يَكُنْ رَاضِيًا بِتَقْلِيدِهِ دُونَهَا.
وَهَلْ يَصْلُحُ الْفَاسِقُ مُفْتِيًا؟ قِيلَ لَا لِأَنَّهُ مِنْ أُمُورِ الدِّينِ
وَعَنْ عُلَمَائِنَا الثَّلَاثَةِ ﵏ فِي النَّوَادِرِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ قَضَاؤُهُ، وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ قَضَاؤُهُ عِنْدَهُ كَمَا لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ عِنْدَهُ) وَقِيلَ هَذَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْإِيمَانَ يَزِيدُ وَيَنْقُصُ، فَإِنَّ الْأَعْمَالَ مِنْ الْإِيمَانِ عِنْدَهُ، فَإِذَا فَسَقَ فَقَدْ انْتَقَصَ إيمَانُهُ (وَقَالَ بَعْضُ الْمَشَايِخِ إنَّهُ إذَا قُلِّدَ الْفَاسِقُ يَصِحُّ، وَلَوْ قُلِّدَ وَهُوَ عَدْلٌ فَفَسَقَ يَنْعَزِلُ بِهِ؛ لِأَنَّ الْمُقَلِّدَ اعْتَمَدَ عَدَالَتَهُ فِي تَقْلِيدِهِ فَلَا يَكُونُ رَاضِيًا بِتَقْلِيدِهِ دُونَهَا) فَكَانَ التَّقْلِيدُ مَشْرُوطًا بِبَقَاءِ الْعَدَالَةِ فَيَنْتَفِي بِانْتِفَائِهَا، وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ قَوْلَ الْفُقَهَاءِ الْبَقَاءُ أَسْهَلُ مِنْ الِابْتِدَاءِ يُنَافِي جَوَازَ التَّقْلِيدِ مَعَ الْفِسْقِ ابْتِدَاءً، وَالْعَزْلُ بِالْفِسْقِ الطَّارِئِ، وَالْأَوَّلُ ثَابِتٌ؛ لِأَنَّهُ مِنْ مُسَلَّمَاتِ هَذَا الْفَنِّ يَنْبَنِي عَلَيْهِ أَحْكَامٌ كَثِيرَةٌ كَبَقَاءِ النِّكَاحِ بِلَا شُهُودٍ وَامْتِنَاعِهِ ابْتِدَاءً بِدُونِهَا، وَجَوَازِ الشُّيُوعِ فِي الْهِبَةِ بَقَاءً لَا ابْتِدَاءً، فَيَنْتَفِي الثَّانِي وَهُوَ ثُبُوتُ الْقَضَاءِ بِالْفِسْقِ ابْتِدَاءً وَالْعَزْلُ بِالْفِسْقِ الطَّارِئِ.
وَالْجَوَابُ يُؤْخَذُ مِنْ الدَّلِيلِ الْمَذْكُورِ وَهُوَ أَنَّ التَّقْلِيدَ كَانَ مُعَلَّقًا بِالشَّرْطِ، فَإِنَّ تَعْلِيقَ الْقَضَاءِ وَالْإِمَارَةِ بِالشَّرْطِ جَائِزٌ بِدَلِيلِ مَا رُوِيَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ بَعَثَ جَيْشًا وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ زَيْدَ بْنَ حَارِثَةَ ثُمَّ قَالَ: إنْ قُتِلَ زَيْدٌ فَجَعْفَرٌ أَمِيرُكُمْ، وَإِنْ قُتِلَ جَعْفَرٌ فَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ أَمِيرُكُمْ» وَكَذَلِكَ تَعْلِيقُ عَزْلِ الْقَاضِي بِالشَّرْطِ جَائِزٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute