وَيُرْوَى أَنَّ الْقَوْلَ لِمَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ لِأَنَّ الْأَصْلَ هُوَ الْعُسْرَةُ. وَيُرْوَى أَنَّ الْقَوْلَ لَهُ إلَّا فِيمَا بَدَلُهُ مَالٌ. وَفِي النَّفَقَةِ الْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ إنَّهُ مُعْسِرٌ، وَفِي إعْتَاقِ الْعَبْدِ الْمُشْتَرَكِ الْقَوْلُ لِلْمُعْتِقِ،
أَيْ فِيمَا كَانَ بَدَلًا عَنْ مَالٍ وَمَا لَمْ يَكُنْ (لِأَنَّ الْأَصْلَ هُوَ الْعُسْرَةُ) إذْ الْآدَمِيُّ يُولَدُ وَلَا مَالَ لَهُ، وَالْمُدَّعِي يَدَّعِي عَارِضًا، وَالْقَوْلُ قَوْلُ مَنْ تَمَسَّكَ بِالْأَصْلِ حَتَّى يَظْهَرَ خِلَافُهُ فَكَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمَدْيُونِ مَعَ يَمِينِهِ (وَيُرْوَى أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهُ: إلَّا فِيمَا بَدَلُهُ مَالٌ) وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ؛ لِأَنَّهُ عَرَفَ دُخُولَ شَيْءٍ فِي مِلْكِهِ وَزَوَالُهُ مُحْتَمَلٌ فَكَانَ الْقَوْلُ لِلْمُدَّعِي، وَمَا لَمْ يَكُنْ بَدَلُهُ مَالًا كَالْمَهْرِ وَبَدَلِ الْخُلْعِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَالْقَوْلُ فِيهِ قَوْلُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ فِي مِلْكِهِ شَيْءٌ وَلَمْ يَعْرِفْ قُدْرَتَهُ عَلَى الْقَضَاءِ فَبَقِيَ مُتَمَسِّكًا بِالْأَصْلِ وَهُوَ الْعُسْرَةُ، فَذَلِكَ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ. وَفِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلَانِ آخَرَانِ: أَحَدُهُمَا أَنَّ كُلَّ مَا كَانَ سَبِيلُهُ سَبِيلَ الْبِرِّ وَالصِّلَةِ فَالْقَوْلُ فِيهِ قَوْلُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ كَمَا فِي نَفَقَةِ الْمَحَارِمِ. وَالْآخَرُ أَنْ يُحَكِّمَ الزِّيَّ إنْ كَانَ زِيَّ الْفُقَرَاءِ كَانَ الْقَوْلُ لَهُ، وَإِنْ كَانَ زِيَّ الْأَغْنِيَاءِ كَانَ الْقَوْلُ لِلْمُدَّعِي إلَّا فِي أَهْلِ الْعِلْمِ وَالْأَشْرَافِ كَالْعَلَوِيَّةِ وَالْعَبَّاسِيَّةِ فَإِنَّهُمْ يَتَكَلَّفُونَ فِي الزِّيِّ مَعَ حَاجَتِهِمْ حَتَّى لَا يَذْهَبَ مَاءُ وَجْهِهِمْ فَلَا يَكُونُ الزِّيُّ فِيهِمْ دَلِيلَ الْيَسَارِ.
وَقَوْلُهُ: (وَفِي النَّفَقَةِ) بَيَانٌ لِمَا هُوَ الْمَحْفُوظُ مِنْ الرِّوَايَةِ. ذَكَرَ فِي كِتَابِ النِّكَاحِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute