وَقَدْ مَرَّ الْوَجْهُ.
(وَلَيْسَ لِلْقَاضِي أَنْ يَسْتَخْلِفَ عَلَى الْقَضَاءِ إلَّا أَنْ يُفَوَّضَ إلَيْهِ ذَلِكَ) لِأَنَّهُ قُلِّدَ الْقَضَاءَ دُونَ التَّقْلِيدِ بِهِ فَصَارَ كَتَوْكِيلِ الْوَكِيلِ، بِخِلَافِ الْمَأْمُورِ بِإِقَامَةِ الْجُمُعَةِ حَيْثُ يَسْتَخْلِفُ لِأَنَّهُ عَلَى شَرَفِ الْفَوَاتِ لِتَوَقُّتِهِ فَكَانَ الْأَمْرُ بِهِ إذْنًا بِالِاسْتِخْلَافِ دَلَالَةً
وَالْقِصَاصِ اعْتِبَارًا بِشَهَادَتِهَا، وَقَدْ مَرَّ الْوَجْهُ: أَيْ فِي أَوَّلِ أَدَبِ الْقَاضِي أَنَّ حُكْمَ الْقَضَاءِ يُسْتَقَى مِنْ حُكْمِ الشَّهَادَةِ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ بَابِ الْوِلَايَةِ، فَكُلُّ مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الشَّهَادَةِ يَكُونُ أَهْلًا لِلْقَضَاءِ وَهِيَ أَهْلٌ لِلشَّهَادَةِ فِي غَيْرِ الْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ فَهِيَ أَهْلٌ لِلْقَضَاءِ فِي غَيْرِهِمَا. قِيلَ أَرَادَ بِهِ مَا مَرَّ قَبْلُ بِخُطُوطٍ مِنْ قَوْلِهِ؛ لِأَنَّ فِيهِ شُبْهَةَ الْبَدَلِيَّةِ فَإِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَا فِيهِ شُبْهَةُ الْبَدَلِيَّةِ لَا يُعْتَبَرُ فِيهِمَا، وَشَهَادَتُهَا كَذَلِكَ كَمَا سَيَجِيءُ وَقَضَاؤُهَا مُسْتَفَادٌ مِنْ شَهَادَتِهَا.
(وَلَيْسَ لِلْقَاضِي أَنْ يَسْتَخْلِفَ عَلَى الْقَضَاءِ) بِعُذْرٍ وَبِغَيْرِهِ (إلَّا أَنْ يُفَوَّضَ إلَيْهِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ قُلِّدَ الْقَضَاءَ دُونَ التَّقْلِيدِ بِهِ) أَيْ بِالْقَضَاءِ (فَصَارَ كَالْوَكِيلِ) لَا يَجُوزُ لَهُ التَّوْكِيلُ إلَّا إذَا فُوِّضَ إلَيْهِ ذَلِكَ (بِخِلَافِ الْمَأْمُورِ بِإِقَامَةِ الْجُمُعَةِ حَيْثُ) يَجُوزُ لَهُ أَنْ (يَسْتَخْلِفَ؛ لِأَنَّ أَدَاءَ الْجُمُعَةِ عَلَى شَرَفِ الْفَوَاتِ لِتَوَقُّتِهِ) بِوَقْتٍ يَفُوتُ الْأَدَاءُ بِانْقِضَائِهِ (فَكَانَ الْأَمْرُ بِهِ مِنْ الْخَلِيفَةِ إذْنًا لَهُ بِالِاسْتِخْلَافِ دَلَالَةً) لَكِنْ إنَّمَا يَجُوزُ إذَا كَانَ ذَلِكَ الْغَيْرُ سَمِعَ الْخُطْبَةَ؛ لِأَنَّهَا مِنْ شَرَائِطِ افْتِتَاحِ الْجُمُعَةِ فَلَوْ افْتَتَحَ الْأَوَّلُ الصَّلَاةَ ثُمَّ سَبَقَهُ الْحَدَثُ فَاسْتَخْلَفَ مَنْ لَمْ يَشْهَدْهَا جَازَ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَخْلَفَ بَانٍ لَا مُفْتَتِحٌ. وَاعْتُرِضَ بِمَنْ أَفْسَدَ صَلَاتَهُ ثُمَّ افْتَتَحَ بِهِمْ الْجُمُعَةَ فَإِنَّهُ جَائِزٌ، وَهُوَ مُفْتَتِحٌ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لَمْ يَشْهَدْ الْخُطْبَةَ. وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ لَمَّا صَحَّ شُرُوعُهُ فِي الْجُمُعَةِ وَصَارَ خَلِيفَةً لِلْأَوَّلِ اُلْتُحِقَ بِمَنْ شَهِدَ الْخُطْبَةَ. وَأَرَى أَنَّ إلْحَاقَهُ بِالْبَانِي لِتَقَدُّمِ شُرُوعِهِ فِي تِلْكَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute