للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِنْ حَكَّمَاهُ فِي دَمِ خَطَإٍ فَقَضَى بِالدِّيَةِ عَلَى الْعَاقِلَةِ لَمْ يَنْفُذْ حُكْمُهُ لِأَنَّهُ لَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَيْهِمْ إذْ لَا تَحْكِيمَ مِنْ جِهَتِهِمْ. وَلَوْ حَكَمَ عَلَى الْقَاتِلِ بِالدِّيَةِ فِي مَالِهِ رَدَّهُ الْقَاضِي وَيَقْضِي بِالدِّيَةِ عَلَى الْعَاقِلَةِ لِأَنَّهُ مُخَالِفٌ لِرَأْيِهِ وَمُخَالِفٌ لِلنَّصِّ أَيْضًا إلَّا إذَا ثَبَتَ الْقَتْلُ بِإِقْرَارِهِ لِأَنَّ الْعَاقِلَةَ لَا تَعْقِلُهُ (وَيَجُوزُ أَنْ يَسْمَعَ الْبَيِّنَةَ وَيَقْضِيَ بِالنُّكُولِ وَكَذَا بِالْإِقْرَارِ) لِأَنَّهُ حُكْمٌ مُوَافِقٌ لِلشَّرْعِ، وَلَوْ أَخْبَرَ بِإِقْرَارِ أَحَدِ الْخَصْمَيْنِ أَوْ بِعَدَالَةِ الشُّهُودِ

رَأْيَهُ وَمُخَالِفٌ لِنَصِّ حَدِيثِ حَمَلِ بْنِ مَالِكٍ " قُومُوا فَدُوهُ " كَمَا سَيَأْتِي فِي كِتَابِ الْمَعَاقِلِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

(قَوْلُهُ: إلَّا إذَا ثَبَتَ) اسْتِثْنَاءٌ مِنْ قَوْلِهِ رَدَّهُ الْقَاضِي: أَيْ رَدَّ قَضَاءَهُ بِالدِّيَةِ فِي مَالِهِ إلَّا إذَا ثَبَتَ الْقَتْلُ بِإِقْرَارِهِ؛ لِأَنَّ الْعَاقِلَةَ لَا تَعْقِلُهُ، وَأَمَّا أُرُوشُ الْجِرَاحَاتِ فَإِنْ كَانَتْ بِحَيْثُ لَا تَتَحَمَّلُهَا الْعَاقِلَةُ وَتَجِبُ فِي مَالِ الْجَانِي بِأَنْ كَانَ دُونَ أَرْشِ الْمُوضِحَةِ وَهُوَ خَمْسُمِائَةِ دِرْهَمٍ وَثَبَتَ ذَلِكَ بِالْإِقْرَارِ وَالنُّكُولِ أَوْ كَانَ عَمْدًا وَقَضَى عَلَى الْجَانِي جَازَ؛ لِأَنَّهُ لَا يُخَالِفُ حُكْمَ الشَّرْعِ وَقَدْ رَضِيَ الْجَانِي بِحُكْمِهِ عَلَيْهِ فَيَجُوزُ، وَإِنْ كَانَتْ بِحَيْثُ تَتَحَمَّلُهَا الْعَاقِلَةُ بِأَنْ كَانَتْ خَمْسَمِائَةٍ فَصَاعِدًا وَقَدْ ثَبَتَتْ الْجِنَايَةُ بِالْبَيِّنَةِ وَكَانَتْ خَطَأً لَا يَجُوزُ قَضَاؤُهُ بِهَا أَصْلًا؛ لِأَنَّهُ إنْ قَضَى بِهَا عَلَى الْجَانِي خَالَفَ حُكْمَ الشَّرْعِ، وَإِنْ قَضَى عَلَى الْعَاقِلَةِ فَالْعَاقِلَةُ لَمْ يَرْضَوْا بِحُكْمِهِ (قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ أَنْ يَسْمَعَ الْبَيِّنَةَ) يَعْنِي أَنَّهُ لَمَّا صَارَ حَكَمًا عَلَيْهِمَا بِتَسْلِيطِهِمَا جَازَ أَنْ يَسْمَعَ الْبَيِّنَةَ (وَيَقْضِي بِالنُّكُولِ وَكَذَا بِالْإِقْرَارِ؛ لِأَنَّهُ حُكْمٌ مُوَافِقٌ لِلشَّرْعِ، وَإِذَا أَخْبَرَ الْمُحَكَّمُ بِإِقْرَارِ أَحَدِ الْخَصْمَيْنِ) بِأَنْ يَقُولَ لِأَحَدِهِمَا اعْتَرَفْت عِنْدِي لِهَذَا بِكَذَا (أَوْ بِعَدَالَةِ الشُّهُودِ) مِثْلَ أَنْ يَقُولَ قَامَتْ عِنْدِي عَلَيْك بَيِّنَةٌ لِهَذَا بِكَذَا فَعُدِّلُوا عِنْدِي وَقَدْ أَلْزَمْتُك ذَلِكَ وَحَكَمْت بِهِ لِهَذَا عَلَيْك فَأَنْكَرَ الْمَقْضِيُّ عَلَيْهِ أَنْ يَكُونَ أَقَرَّ عِنْدَهُ بِشَيْءٍ أَوْ قَامَتْ

<<  <  ج: ص:  >  >>