قَالَ (وَمَنْ أَقَرَّ أَنَّهُ قَبَضَ مِنْ فُلَانٍ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهَا زُيُوفٌ صُدِّقَ) وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ اقْتَضَى، وَهُوَ عِبَارَةٌ عَنْ الْقَبْضِ أَيْضًا. وَوَجْهُهُ أَنَّ الزُّيُوفَ مِنْ جِنْسِ الدَّرَاهِمِ إلَّا أَنَّهَا مَعِيبَةٌ، وَلِهَذَا لَوْ تَجَوَّزَ بِهِ فِي الصَّرْفِ
فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ لَمَّا جَحَدَ الْعَقْدَ تَعَذَّرَ اسْتِيفَاءُ الثَّمَنِ مِنْهُ، وَلَمَّا تَعَذَّرَ فَاتَ رِضَا الْبَائِعِ، وَفَوَاتُهُ يُوجِبُ الْفَسْخَ لِفَوَاتِ رُكْنِ الْبَيْعِ فَيَسْتَقِلُّ بِفَسْخِهِ فَيُجْعَلُ عَزْمُهُ فَسْخًا عَلَى مَا مَرَّ.
وَالْفَرْقُ بَيْنَ الدَّلِيلِينَ أَنَّ الِانْفِسَاخَ كَانَ فِي الْأَوَّلِ مُتَرَتِّبًا عَلَى الْفَسْخِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ وَجَعَلَ جُحُودَهُ فَسْخًا مِنْ جَانِبِهِ، وَالْعَزْمُ عَلَى تَرْكِ الْخُصُومَةِ مِنْ جَانِبِ الْبَائِعِ، وَفِي الثَّانِي يَتَرَتَّبُ عَلَى الْفَسْخِ مِنْ جَانِبِ الْبَائِعِ بِاسْتِبْدَادِهِ.
قَالَ (وَمَنْ أَقَرَّ أَنَّهُ قَبَضَ مِنْ فُلَانٍ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ إلَخْ) وَمَنْ أَقَرَّ أَنَّهُ قَبَضَ مِنْ فُلَانٍ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ قَرْضًا أَوْ ثَمَنَ سِلْعَةٍ لَهُ عِنْدَهُ أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ ثُمَّ قَالَ إنَّهُ زُيُوفٌ صُدِّقَ سَوَاءٌ كَانَ مَفْصُولًا أَوْ مَوْصُولًا دَلَّ عَلَى ذَلِكَ دَلَالَةُ ثُمَّ فِي الْكِتَابِ وَالتَّصْرِيحُ بِهِ فِي غَيْرِهِ. وَفِي بَعْضِ نُسَخِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَقَعَ فِي مَوْضِعِ قَبَضَ اقْتَضَى وَالْمَعْنَى هَاهُنَا وَاحِدٌ وَالْحُكْمُ فِيهِمَا سَوَاءٌ.
وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الزُّيُوفَ مِنْ جِنْسِ الدَّرَاهِمِ إلَّا أَنَّهَا مَعِيبَةٌ، بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ تَجَوَّزَ بِهِ فِيمَا لَا يَجُوزُ الِاسْتِدْلَال فِي بَدَلِهِ كَالصَّرْفِ وَالسَّلَمِ جَازَ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مِنْ جِنْسِهَا كَانَ التَّجْوِيزُ اسْتِبْدَالًا وَهُوَ فِيهِمَا لَا يَجُوزُ كَمَا تَقَدَّمَ. فَإِنْ قِيلَ: الْإِقْرَارُ بِالْقَبْضِ يَسْتَلْزِمُ الْإِقْرَارَ بِقَبْضِ الْحَقِّ وَهُوَ الْجِيَادُ حَمْلًا لِحَالِهِ عَلَى مَا لَهُ حَقُّ قَبْضِهِ لَا مَا لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؛ وَلَوْ أَقَرَّ بِقَبْضِ حَقِّهِ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ زُيُوفٌ لَمْ يُسْمَعْ مِنْهُ، فَكَذَا هَذَا. أَجَابَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ وَالْقَبْضُ لَا يَخْتَصُّ بِالْجِيَادِ وَهُوَ مَنْعٌ لِلْمُلَازَمَةِ، وَقَوْلُهُ: حَمْلًا لِحَالِهِ عَلَى مَا لَهُ حَقُّ قَبْضِهِ مُسَلَّمٌ، وَالزُّيُوفُ لَهُ حَقُّ قَبْضِهِ؛ لِأَنَّهُ دُونَ حَقِّهِ، وَإِنَّمَا الْمَمْنُوعُ مِنْ الْقَبْضِ مَا يَزِيدُ عَلَى حَقِّهِ، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ الْقَبْضُ مُخْتَصًّا بِالْجِيَادِ فَالْإِقْرَارُ بِهِ لَا يَسْتَلْزِمُ الْإِقْرَارَ بِقَبْضِ الْجِيَادِ فَبِدَعْوَاهُ الزُّيُوفَ لَمْ يَكُنْ مُتَنَاقِضًا بَلْ هُوَ مُنْكِرٌ قَبْضَ حَقِّهِ، وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُنْكِرِ بِالْيَمِينِ، وَالنَّبَهْرَجَةُ كَالزُّيُوفِ لِكَوْنِهَا مِنْ جِنْسِ الدَّرَاهِمِ لِمَا تَقَدَّمَ.
وَعُلِمَ مِنْ هَذَا أَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ بِالْجِيَادِ وَهُوَ حَقُّهُ أَوْ بِحَقِّهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute