للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالسَّلَمِ جَازَ، وَالْقَبْضُ لَا يَخْتَصُّ بِالْجِيَادِ فَيُصَدَّقُ لِأَنَّهُ أَنْكَرَ قَبْضَ حَقِّهِ، بِخِلَافِ مَا إذَا أَقَرَّ أَنَّهُ قَبَضَ الْجِيَادَ أَوْ حَقَّهُ أَوْ الثَّمَنَ أَوْ اسْتَوْفَى لِإِقْرَارِهِ بِقَبْضِ الْجِيَادِ صَرِيحًا أَوْ دَلَالَةً فَلَا يُصَدَّقُ وَالنَّبَهْرَجَةُ كَالزُّيُوفِ وَفِي السَّتُّوقَةِ لَا يُصَدَّقُ

أَوْ بِالثَّمَنِ أَوْ بِالِاسْتِيفَاءِ ثُمَّ ادَّعَى كَوْنَ الْمَقْبُوضِ زُيُوفًا أَوْ نَبَهْرَجَةً لَمْ يُصَدَّقْ لِإِقْرَارِهِ بِقَبْضِ الْجِيَادِ صَرِيحًا فِي الْأَوَّلِ وَدَلَالَةً فِي الْبَاقِي؛ لِأَنَّ حَقَّهُ فِي الْجِيَادِ، وَالثَّمَنُ جِيَادٌ وَالِاسْتِيفَاءُ يَدُلُّ عَلَى التَّمَامِ وَلَا تَمَامَ دُونَ الْحَقِّ فَكَانَ فِي دَعْوَاهُ الزُّيُوفَ مُتَنَاقِضًا. وَمِنْ هَذَا ظَهَرَ الْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا إذَا ادَّعَى عَيْبًا فِي الْمَبِيعِ عَلَى الْبَائِعِ وَأَنْكَرَهُ. فَإِنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْبَائِعِ لَا الْمُشْتَرِي الَّذِي أَنْكَرَ قَبْضَ حَقِّهِ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ أَقَرَّ بِقَبْضِ حَقِّهِ وَهُوَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ ثُمَّ ادَّعَى لِنَفْسِهِ حَقَّ الرَّدِّ عَلَى الْبَائِعِ وَهُوَ مُنْكِرٌ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ: فَكَانَ مِنْ الْقَبِيلِ الثَّانِي: أَعْنِي الْمُقِرَّ بِقَبْضِ الْحَقِّ فَلَا يَرِدُ نَقْضًا عَلَى الْقَبِيلِ الْأَوَّلِ.

قَالَ صَاحِبُ النِّهَايَةِ: جَمَعَ بَيْنَ هَذِهِ الْمَسَائِلِ الْأَرْبَعِ فِي الْجَوَابِ بِأَنَّهُ لَا يُصَدَّقُ وَلَيْسَ الْحُكْمُ فِيهَا عَلَى السَّوَاءِ، فَإِنَّهُ إذَا أَقَرَّ أَنَّهُ قَبَضَ الدَّرَاهِمَ الْجِيَادَ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهَا زُيُوفٌ فَإِنَّهُ لَا يُصَدَّقُ لَا مَفْصُولًا وَلَا مَوْصُولًا، وَفِيمَا بَقِيَ لَا يُصَدَّقُ مَفْصُولًا وَلَكِنْ يُصَدَّقُ مَوْصُولًا. وَالْفَرْقُ هُوَ أَنَّ فِي قَوْلِهِ قَبَضْت مَا لِي عَلَيْهِ أَوْ حَقِّي عَلَيْهِ جُعِلَ مُقِرًّا بِقَبْضِ الْقَدْرِ وَالْجَوْدَةِ بِلَفْظِ وَاحِدٍ، فَإِذَا اسْتَثْنَى الْجَوْدَةَ فَقَدْ اسْتَثْنَى الْبَعْضَ مِنْ الْجُمْلَةِ فَصَحَّ، كَمَا لَوْ قَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفٌ إلَّا مِائَةً؛ فَأَمَّا إذَا قَالَ قَبَضْت عَشَرَةً جِيَادًا فَقَدْ أَقَرَّ بِالْوَزْنِ بِلَفْظٍ عَلَى حِدَةٍ وَبِالْجَوْدَةِ بِلَفْظٍ عَلَى حِدَةٍ، فَإِذَا قَالَ إلَّا أَنَّهَا زُيُوفٌ فَقَدْ اسْتَثْنَى الْكُلَّ مِنْ الْكُلِّ فِي حَقِّ الْجَوْدَةِ وَذَلِكَ بَاطِلٌ، كَمَنْ قَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ مِائَةُ دِرْهَمٍ وَدِينَارٌ إلَّا دِينَارًا كَانَ الِاسْتِثْنَاءُ بَاطِلًا، وَإِنْ ذَكَرَهُ مَوْصُولًا كَذَا هَاهُنَا (قَوْلُهُ: وَفِي السَّتُّوقَةِ لَا يُصَدَّقُ) يَعْنِي لَوْ ادَّعَاهَا بَعْدَ الْإِقْرَارِ بِقَبْضِ الْعَشَرَةِ لَمْ يُصَدَّقْ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ جِنْسِ الدَّرَاهِمِ، حَتَّى لَوْ تَجَوَّزَ بِهِ فِي الصَّرْفِ وَالسَّلَمِ لَمْ يَجُزْ فَكَانَ مُتَنَاقِضًا فِي دَعْوَاهُ. قَالَ صَاحِبُ النِّهَايَةِ: ذَكَرَ هَذَا الْحُكْمَ مُطْلَقًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ.

وَنَقَلَ عَنْ الْمَبْسُوطِ فِي آخِرِ كِتَابِ الْإِقْرَارِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ إنْ ادَّعَى الرَّصَاصَ بَعْدَ الْإِقْرَارِ بِقَبْضِ الدَّرَاهِمِ، إنْ كَانَ مَفْصُولًا لَمْ يُسْمَعْ، وَإِنْ كَانَ مَوْصُولًا لَا يُسْمَعْ. وَالسَّتُّوقَةُ أَقْرَبُ إلَى الدَّرَاهِمِ مِنْ الرَّصَاصِ، فَإِذَا كَانَ الْحُكْمُ فِي الرَّصَاصِ ذَلِكَ فَفِي السَّتُّوقَةِ أَوْلَى وَكَأَنَّ الِاعْتِرَاضَيْنِ وَقَعَا لِذُهُولٍ عَنْ التَّدْقِيقِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ، فَإِنَّ كَلَامَهُ فِيمَا إذَا قَالَ مَفْصُولًا بِدَلَالَةِ قَوْلِهِ ثُمَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>