إلَى زَمَانِ بُطْلَانِ الْإِنَابَةِ فَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْعِلْمِ كَمَا فِي تَصَرُّفِ الْوَارِثِ.
أَمَّا الْوَكَالَةُ فَإِنَابَةٌ لِقِيَامِ وِلَايَةِ الْمَنُوبِ عَنْهُ فَيَتَوَقَّفُ عَلَى الْعِلْمِ، وَهَذَا لِأَنَّهُ لَوْ تَوَقَّفَ لَا يَفُوتُ النَّظَرُ لِقُدْرَةِ الْمُوَكَّلِ، وَفِي الْأَوَّلِ يَفُوتُ لِعَجْزِ الْمُوصِي (وَمَنْ أَعْلَمَهُ مِنْ النَّاسِ بِالْوَكَالَةِ يَجُوزُ تَصَرُّفُهُ) لِأَنَّهُ إثْبَاتُ حَقٍّ لَا إلْزَامُ أَمْرٍ.
قُلْ (وَلَا يَكُونُ النَّهْيُ عَنْ الْوَكَالَةِ حَتَّى يَشْهَدَ عِنْدَهُ شَاهِدَانِ أَوْ رَجُلٌ عَدْلٌ) وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ ﵀، وَقَالَا: هُوَ وَالْأَوَّلُ سَوَاءٌ لِأَنَّهُ مِنْ الْمُعَامَلَاتِ وَبِالْوَاحِدِ فِيهَا كِفَايَةٌ.
التَّرِكَةِ فَهُوَ وَصِيٌّ وَبَيْعُهُ جَائِزٌ، وَإِذَا وُكِّلَ وَلَمْ يَعْلَمْ بِالْوَكَالَةِ حَتَّى بَاعَ لَمْ يَجُزْ بَيْعُهُ.
وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ اعْتَبَرَ الْأَوَّلَ بِالثَّانِي؛ لِأَنَّ وَصْفَ الْإِنَابَةِ: أَيْ النِّيَابَةِ جَامِعٌ، فَإِنَّ الْوِصَايَةَ إنَابَةٌ بَعْدَ الْمَوْتِ وَالْوَكَالَةَ إنَابَةٌ قَبْلَهُ، وَكَمَا لَمْ يَجُزْ تَصَرُّفُ الْوَكِيلِ قَبْلَ الْعِلْمِ لَمْ يَجُزْ تَصَرُّفُ الْوَصِيِّ قَبْلَهُ. وَوَجْهُ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا عَلَى ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ أَنَّ الْوِصَايَةَ خِلَافَةٌ لَا نِيَابَةٌ؛ لِأَنَّهَا مُضَافَةٌ إلَى زَمَانِ بُطْلَانِ النِّيَابَةِ، وَالْخِلَافَةُ لَا تَتَوَقَّفُ عَلَى الْعِلْمِ فِي التَّصَرُّفِ كَمَا إذَا تَصَرَّفَ الْوَارِثُ بِالْبَيْعِ وَلَمْ يَعْلَمْ بِمَوْتِ الْمُورَثِ فَإِنَّهُ صَحِيحٌ، بِخِلَافِ الْوَكَالَةِ فَإِنَّهَا إنَابَةٌ لِقِيَامِ وِلَايَةِ الْمُسْتَنِيبِ، وَالْإِنَابَةُ تَتَوَقَّفُ عَلَى الْعِلْمِ؛ لِأَنَّهَا لَوْ تَوَقَّفَتْ عَلَيْهِ لَمْ يَفُتْ النَّظَرُ لِقُدْرَةِ الْمُوَكِّلِ، وَفِي الْأَوَّلِ لَوْ تَوَقَّفَتْ عَلَى عِلْمِهِ فَاتَ لِعَجْزِ الْمُوصِي. فَإِنْ قِيلَ: إذَا قَالَ لِرَجُلٍ اشْتَرِ عَبْدِي مِنْ فُلَانٍ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهَذَا الْقَوْلِ فُلَانٌ وَبَاعَ عَبْدَهُ صَحَّ مِنْ غَيْرِ تَوَقُّفٍ عَلَى عِلْمِهِ.
أُجِيبَ بِأَنَّهُ عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ وَوَجْهُ الْفَرْقِ عَلَى رِوَايَةِ الْجَوَازِ أَنَّهُ ثَبَتَ ضِمْنًا، وَالْكَلَامُ فِي الْوَكَالَةِ يَثْبُتُ قَصْدًا، وَهَذَا كَمَا إذَا قَالَ بَايِعُوا عَبْدِي وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ الْعَبْدُ فَإِنَّ فِيهِ رِوَايَتَيْنِ فِي إحْدَاهُمَا صَحَّ تَصَرُّفُهُ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِالْإِذْنِ لِثُبُوتِهِ ضِمْنًا، فَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ عِلْمَ الْوَكِيلِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute