للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَهُ أَنَّهُ خَبَرٌ مُلْزِمٌ فَيَكُونُ شَهَادَةً مِنْ وَجْهٍ فَيُشْتَرَطُ أَحَدُ شَطْرَيْهَا وَهُوَ الْعَدَدُ أَوْ الْعَدَالَةُ، بِخِلَافِ الْأَوَّلِ، وَبِخِلَافِ رَسُولِ الْمُوَكَّلِ لِأَنَّ عِبَارَتَهُ كَعِبَارَةِ الْمُرْسِلِ لِلْحَاجَةِ إلَى الْإِرْسَالِ، وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ إذَا أُخْبِرَ الْمَوْلَى بِجِنَايَةِ عَبْدِهِ

بِالْوَكَالَةِ شَرْطُ صِحَّةِ التَّصَرُّفِ فَلَا بُدَّ مِنْ إعْلَامٍ، فَمَنْ أَعْلَمَهُ مِنْ النَّاسِ بِذَلِكَ سَوَاءٌ كَانَ بَالِغًا مُسْلِمًا عَدْلًا أَوْ عَلَى أَضْدَادِ ذَلِكَ بَعْدَمَا كَانَ مُمَيِّزًا جَازَ تَصَرُّفُهُ؛ لِأَنَّهُ إثْبَاتُ حَقٍّ لَا إلْزَامُ أَمْرٍ: أَيْ إطْلَاقٌ مَحْضٌ لَا يَشْتَمِلُ عَلَى شَيْءٍ مِنْ الْإِلْزَامِ، وَمَا كَانَ كَذَلِكَ فَقَوْلُ الْوَاحِدِ فِيهِ كَافٍ.

وَأَمَّا النَّهْيُ عَنْ الْوَكَالَةِ فَلَا يَثْبُتُ حَتَّى يَشْهَدَ عِنْدَهُ شَاهِدَانِ أَوْ رَجُلٌ عَدْلٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ ، وَقَالَا: هُوَ وَالْأَوَّلُ سَوَاءٌ؛؛ لِأَنَّهُ مِنْ جِنْسِ الْمُعَامَلَاتِ، وَجِنْسُهَا يَثْبُتُ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ الْفَاسِقِ كَالْوَكَالَةِ وَإِذْنِ الْعَبْدِ فِي التِّجَارَةِ. وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ خَبَرٌ مُلْزِمٌ، أَمَّا أَنَّهُ خَبَرٌ فَلِأَنَّهُ كَلَامٌ يَحْتَمِلُ الْكَذِبَ يَحْصُلُ بِهِ الْإِعْلَامُ، وَأَمَّا أَنَّهُ مُلْزِمٌ فَلِأَنَّهُ يَنْفِي جَوَازَ التَّصَرُّفِ بَعْدَهُ، وَمَا كَانَ كَذَلِكَ فَهُوَ مَعْنَى الشَّهَادَةِ مِنْ وَجْهٍ؛ لِأَنَّهُ بِالنَّظَرِ إلَى كَوْنِهِ خَبَرًا كَالْخَبَرِ بِالتَّوْكِيلِ وَالْإِذْنِ وَغَيْرِهِمَا لَيْسَ فِي مَعْنَاهَا، وَبِالنَّظَرِ إلَى مَا فِيهِ مِنْ نَوْعِ إلْزَامٍ كَانَ فِي مَعْنَاهَا فَيُشْتَرَطُ أَحَدُ شَطْرَيْ الشَّهَادَةِ وَهُوَ الْعَدَدُ أَوْ الْعَدَالَةُ عَمَلًا بِالْوَجْهَيْنِ، بِخِلَافِ الْأَوَّلِ فَإِنَّهُ لَمَّا لَمْ يَكُنْ فِيهِ إلْزَامٌ أَصْلًا لَمْ يَكُنْ فِي مَعْنَاهَا أَصْلًا فَلَمْ يُشْتَرَطْ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ، وَبِخِلَافِ رَسُولِ الْمُوَكِّلِ فَإِنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ أَيْضًا شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ عِبَارَتَهُ كَعِبَارَةِ الْمُرْسِلِ لِلْحَاجَةِ إلَى الْإِرْسَالِ، إذْ رُبَّمَا لَا يَتَّفِقُ لِكُلِّ أَحَدٍ فِي كُلِّ وَقْتٍ بَالِغٌ عَدْلٌ يُرْسِلُهُ إلَى وَكِيلِهِ (قَوْلُهُ: وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ) يَعْنِي الَّذِي ذَكَرَهُ بَيْنَ أَبِي حَنِيفَةَ وَصَاحِبَيْهِ فِي اشْتِرَاطِ أَحَدِ شَطْرَيْهَا فِيمَا فِيهِ إلْزَامٌ الْمَسَائِلُ الْمَذْكُورَةُ.

قَالَ فِي النِّهَايَةِ إنَّهَا سِتُّ مَسَائِلَ ثَلَاثٌ مِنْهَا ذَكَرَهَا مُحَمَّدٌ فِي الْمَبْسُوطِ وَاثْنَتَانِ ذَكَرَهُمَا فِي النَّوَادِرِ، وَالسَّادِسَةُ قَاسَهَا الْمَشَايِخُ عَلَيْهَا، وَالْمُصَنِّفُ تَرَكَ مِنْهَا مَسْأَلَةً. أَمَّا الْأُولَى فَهِيَ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا مِنْ عَزْلِ الْوَكِيلِ. وَالثَّانِيَةُ عَلَى تَرْتِيبِ الْمَبْسُوطِ الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ إذَا أَخْبَرَهُ وَاحِدٌ بِالْحَجْرِ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِهِ وَهُوَ عَدْلٌ أَوْ اثْنَانِ ثَبَتَ الْحَجْرُ صُدِّقَ الْعَبْدُ أَوْ كُذِّبَ، وَإِنْ كَانَ فَاسِقًا وَكَذَّبَهُ ثَبَتَ عِنْدَهُمَا خِلَافًا لَهُ وَقَيَّدَ بِتِلْقَاءِ نَفْسِهِ؛ لِأَنَّ حُكْمَ الرَّسُولِ

<<  <  ج: ص:  >  >>