للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَيُرْوَى عَنْ مُحَمَّدٍ : تَزْكِيَةُ الْعَلَانِيَةِ بَلَاءٌ وَفِتْنَةٌ. ثُمَّ قِيلَ: لَا بُدَّ أَنْ يَقُولَ الْمُعَدِّلُ هُوَ عَدْلٌ جَائِزُ الشَّهَادَةِ لِأَنَّ الْعَبْدَ قَدْ يُعَدَّلُ، وَقِيلَ يَكْتَفِي بِقَوْلِهِ هُوَ عَدْلٌ لِأَنَّ الْحُرِّيَّةَ ثَابِتَةٌ بِالدَّارِ وَهَذَا أَصَحُّ. .

قَالَ (وَفِي قَوْلِ مَنْ رَأَى أَنْ يَسْأَلَ عَنْ الشُّهُودِ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُ الْخَصْمِ إنَّهُ عَدْلٌ) مَعْنَاهُ قَوْلُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ أَنَّهُ يَجُوزُ تَزْكِيَتُهُ، لَكِنْ عِنْدَ مُحَمَّدٍ يَضُمُّ تَزْكِيَةَ الْآخَرِ إلَى تَزْكِيَتِهِ لِأَنَّ الْعَدَدَ عِنْدَهُ شَرْطٌ. وَوَجْهُ الظَّاهِرِ أَنَّ فِي زَعْمِ الْمُدَّعِي وَشُهُودِهِ أَنَّ الْخَصْمَ كَاذِبٌ فِي إنْكَارِهِ مُبْطَلٌ فِي إصْرَارِهِ فَلَا يَصْلُحُ مُعَدِّلًا، وَمَوْضُوعُ الْمَسْأَلَةِ إذَا قَالَ هُمْ عُدُولٌ إلَّا أَنَّهُمْ أَخْطَئُوا أَوْ نَسُوا، أَمَّا إذَا قَالَ صَدَقُوا أَوْ هُمْ عُدُولٌ صَدَقَةٌ فَقَدْ اعْتَرَفَ بِالْحَقِّ.

بَلَاءٌ وَفِتْنَةٌ لِمُقَابَلَتِهِمْ الْجَارِحَ بِالْأَذَى (يُرْوَى عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ قَالَ: تَزْكِيَةُ الْعَلَانِيَةِ بَلَاءٌ وَفِتْنَةٌ. ثُمَّ قِيلَ: لَا بُدَّ لِلْمُعَدِّلِ أَنْ يَقُولَ هُوَ عَدْلٌ جَائِزُ الشَّهَادَةِ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ قَدْ يُعَدَّلُ، وَقِيلَ يُكْتَفَى بِقَوْلِهِ هُوَ عَدْلٌ؛ لِأَنَّ الْحُرِّيَّةَ ثَابِتَةٌ بِالدَّارِ) قَالَ الْمُصَنِّفُ (وَهَذَا أَصَحُّ)؛ لِأَنَّ فِي زَمَانِنَا كُلَّ مَنْ نَشَأَ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ كَانَ الظَّاهِرُ مِنْ حَالِهِ الْحُرِّيَّةَ وَلِهَذَا لَا يَسْأَلُ الْقَاضِي عَنْ إسْلَامِهِ وَحُرِّيَّتِهِ وَإِنَّمَا يَسْأَلُ عَنْ عَدَالَتِهِ. قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ عَلَى طَرِيقَةِ قَوْلِهِ فِي الْمُزَارَعَةِ مِنْ التَّخْرِيجِ عَلَى قَوْلِ مَنْ يَقُلْ بِالسُّؤَالِ إذَا سَأَلَ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ هُمْ عُدُولٌ إلَّا أَنَّهُمْ أَخْطَئُوا أَوْ نَسُوا، وَيُقْبَلُ إذَا قَالَ صَدَقُوا أَوْ هُمْ عُدُولٌ صَدَقَةٌ؛ لِأَنَّهُ اعْتَرَفَ بِالْحَقِّ.

(وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ أَنَّهُ يَجُوزُ تَزْكِيَتُهُ لَكِنْ عِنْدَ مُحَمَّدٍ يَضُمُّ تَزْكِيَةَ آخَرَ إلَى تَزْكِيَتِهِ؛ لِأَنَّ الْعَدَدَ شَرْطٌ عِنْدَهُ) هَذَا إذَا كَانَ عَدْلًا يَصْلُحُ مُزَكِّيًا، فَإِنْ كَانَ فَاسِقًا أَوْ مَسْتُورًا وَسَكَتَ عَنْ جَوَابِ الْمُدَّعِي وَلَمْ يَجْحَدْهُ فَلَمَّا شَهِدُوا عَلَيْهِ قَالَ هُمْ عُدُولٌ لَا يَصِحُّ هَذَا التَّعْدِيلُ؛ لِأَنَّ الْعَدَالَةَ شَرْطٌ فِي الْمُزَكِّي عِنْدَ الْكُلِّ (وَوَجْهُ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ أَنَّ فِي زَعْمِ الْمُدَّعِي وَشُهُودِهِ أَنَّ الْخَصْمَ كَاذِبٌ فِي إنْكَارِهِ مُبْطِلٌ فِي إصْرَارِهِ فَلَا يَصْلُحُ مُعَدِّلًا) لِاشْتِرَاطِ الْعَدَالَةِ فِيهِ بِالِاتِّفَاقِ. وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: تَعْدِيلُ الْخَصْمِ إقْرَارٌ مِنْهُ بِثُبُوتِ الْحَقِّ عَلَيْهِ فَكَانَ مَقْبُولًا؛ لِأَنَّ الْعَدَالَةَ لَيْسَتْ بِشَرْطٍ فِي الْمُقِرِّ بِالِاتِّفَاقِ.

وَالْجَوَابُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ قَالَ (وَمَوْضُوعُ الْمَسْأَلَةِ إذْ قَالَ هُمْ عُدُولٌ إلَّا أَنَّهُمْ أَخْطَئُوا أَوْ نَسُوا) وَمِثْلُهُ لَيْسَ بِإِقْرَارٍ بِالْحَقِّ، وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ هَذَا الْكَلَامَ مُشْتَمِلٌ عَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>