. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
مِنْ الرَّجُلِ فِي الصَّلَاةِ شَرَائِطُهَا أَنْ تَكُونَ الْمَرْأَةُ مُشْتَهَاةً حَالًا أَوْ مَاضِيًا مَنْوِيَّةً إمَامَتُهَا، وَأَنْ تَكُونَ الصَّلَاةُ مُطْلَقَةً مُشْتَرَكَةً تَحْرِيمَةً وَأَدَاءً، وَأَلَّا يَكُونَ بَيْنَهُمَا حَائِلٌ، وَذَكَرَ الْمَرْأَةَ مُطْلَقَةً لِيَتَنَاوَلَ الْمَحَارِمَ وَالْحَلِيلَةَ وَالْأَجْنَبِيَّةَ، وَذَكَرَ الْحَالَ لِيَتَنَاوَلَ الصَّغِيرَةَ الْمُشْتَهَاةَ. وَاخْتُلِفَ فِي حَدِّ الشَّهْوَةِ فَقَدَّرَهُ بَعْضُهُمْ بِسَبْعِ سِنِينَ وَبَعْضُهُمْ بِتِسْعِ سِنِينَ، وَالْأَصَحُّ أَنْ لَا مُعْتَبَرَ بِالسِّنِّ، فَإِنْ كَانَتْ عَبْلَةً ضَخْمَةً كَانَتْ مُشْتَهَاةً وَإِلَّا فَلَا.
وَذَكَرَ الْمَاضِي لِيَتَنَاوَلَ الْعَجُوزَ الَّتِي تَنْفِرُ مِنْهَا الرِّجَالُ لِمَا أَنَّهَا كَانَتْ مُشْتَهَاةُ، وَشَرْطُ نِيَّةِ إمَامَتِهَا؛ لِأَنَّ اقْتِدَاءَهَا لَا يَصِحُّ بِدُونِهَا فَلَا تَفْسُدُ صَلَاةُ الرِّجَالِ، وَوَصَفَ الصَّلَاةَ بِكَوْنِهَا مُطْلَقَةً احْتِرَازًا عَنْ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ فَإِنَّ الْمُحَاذَاةَ لَا تُفْسِدُهَا؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِصَلَاةٍ عَلَى الْحَقِيقَةِ، وَإِنَّمَا هِيَ دُعَاءٌ لِلْمَيِّتِ، وَإِنَّمَا لَا يَصِحُّ اقْتِدَاءُ الرَّجُلِ بِالْمَرْأَةِ فِيهَا لِشَبَهِهَا بِالصَّلَاةِ الْمُطْلَقَةِ فِي اشْتِمَالِهَا عَلَى التَّحْرِيمِ وَالتَّحْلِيلِ وَشَرْطُ الِاشْتِرَاكِ وَهُوَ يَتَحَقَّقُ بِاتِّحَادِ الْفَرْضَيْنِ وَبِاقْتِدَاءِ الْمُتَطَوِّعَةِ بِالْمُتَطَوِّعِ وَبِالْمُفْتَرِضِ، وَأَنْ يَكُونَ الِاشْتِرَاكُ تَحْرِيمَةً وَأَدَاءً حَتَّى لَا تَكُونَ الْمُحَاذَاةُ فِي أَدَاءِ مَا سُبِقَا بِهِ مُفْسِدَةٌ؛ لِأَنَّ الْمَسْبُوقَ فِي أَدَاءِ مَا سُبِقَ مُنْفَرِدٌ بِدَلِيلِ وُجُوبِ الْقِرَاءَةِ وَسَجْدَةِ السَّهْوِ فَلَمْ يَكُونَا مُشْتَرَكَيْنِ أَدَاءً بِخِلَافِ اللَّاحِقِ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي مَعَ الْإِمَامِ تَقْدِيرًا.
فَإِنْ قِيلَ: إذَا اقْتَدَتْ نَاوِيَةً لِلْعَصْرِ بِرَجُلٍ يُصَلِّي الظُّهْرَ لَمْ يَصِحَّ اقْتِدَاؤُهَا فَرْضًا، وَإِنَّمَا يَصِحُّ نَفْلًا فَقَدْ وُجِدَتْ الشُّرُوطُ وَلَمْ تَفْسُدْ الصَّلَاةُ. أُجِيبَ بِالْمَنْعِ وَشَرْطُ عَدَمِ الْحَائِلِ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ بَيْنَهُمَا حَائِلٌ مِثْلُ مُؤْخِرَةِ الرَّحْلِ لَا تَفْسُدُ، وَقَدْ ظَهَرَ مِنْ هَذَا أَنَّهُ إذَا فَاتَ شَرْطٌ مِنْ شُرُوطِهَا لَا تَفْسُدُ لِمَا قَالَ إنَّهَا عُرِفَتْ مُفْسِدَةً بِالنَّصِّ، وَهُوَ مَا رَوَى أَنَسٌ ﵁ أَنَّ جَدَّتَهُ مُلَيْكَةَ صَنَعَتْ طَعَامًا إلَى آخِرِ مَا رَوَيْنَا، بِخِلَافِ الْقِيَاسِ فَيُرَاعَى جَمِيعُ مَا وَرَدَ بِهِ النَّصُّ، وَأَمَّا إذَا وُجِدَتْ هَذِهِ الشُّرُوطُ كُلُّهَا فَإِنَّهَا تُفْسِدُ عِنْدَنَا خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ وَهُوَ الْقِيَاسُ اعْتِبَارًا بِصَلَاتِهَا فَإِنَّهَا لَا تُفْسِدُ.
وَوَجْهُهُ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ الْمُحَاذَاةَ لَمَّا لَمْ تُوجِبْ فَسَادَ صَلَاةِ الْمَرْأَةِ لَمْ تُوجِبْ فَسَادَ صَلَاةِ الرَّجُلِ؛ لِأَنَّ الْمُحَاذَاةَ فِعْلٌ يَتَحَقَّقُ مِنْ الْجَانِبَيْنِ.
وَوَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ وَهُوَ الَّذِي ذَهَبَ إلَيْهِ عُلَمَاؤُنَا أَنَّ هَذَا تَرَكَ فَرْضَ مَقَامِ الْإِمَامِ، وَمَنْ تَرَكَ فَرْضَ الْمَقَامِ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ، أَمَّا أَنَّهُ تَرَكَ فَرْضَ الْمَقَامِ فَلِأَنَّ تَأْخِيرَ الْمَرْأَةِ فَرْضٌ عَلَى الرَّجُلِ فِي صَلَاةٍ يَشْتَرِكَانِ فِيهَا لِمَا رَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ ﵁
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute