للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَهُوَ الْمُخَاطَبُ بِهِ دُونَهَا فَيَكُونُ هُوَ التَّارِكُ لِفَرْضِ الْمَقَامِ فَتَفْسُدَ صَلَاتُهُ دُونَ صَلَاتِهَا، كَالْمَأْمُومِ إذَا تَقَدَّمَ عَلَى الْإِمَامِ (وَإِنْ لَمْ يَنْوِ إمَامَتَهَا لَمْ تَضُرَّهُ وَلَا تَجُوزُ صَلَاتُهَا) لِأَنَّ الِاشْتِرَاكَ لَا يَثْبُتُ دُونَهَا عِنْدَنَا خِلَافًا لِزُفَرَ ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ

أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَالَ «أَخِّرُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَخَّرَهُنَّ اللَّهُ» أَمَرَ الرِّجَالَ بِالتَّأْخِيرِ فِي الْمَكَانِ وَلَا مَكَانَ يَجِبُ تَأْخِيرُهُنَّ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ فَتَعَيَّنَ التَّأْخِيرُ فِيهَا. فَإِنْ قِيلَ: هَذَا خَبَرُ وَاحِدٍ وَلَا يَثْبُتُ بِهِ الْفَرْضِيَّةُ. أُجِيبَ بِأَنَّهُ مِنْ الْمَشَاهِيرِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ وَإِنَّهُ مِنْ الْمَشَاهِيرِ؛ وَلِأَنَّ تَأْخِيرَهَا فِي الصَّلَاةِ الْمُشْتَرَكَةِ فَرْضٌ بِدَلَالَةِ الْإِجْمَاعِ؛ لِأَنَّا أَجْمَعْنَا عَلَى عَدَمِ جَوَازِ اقْتِدَاءِ الرَّجُلِ بِالْمَرْأَةِ مَعَ اتِّحَادِ فَرْضِهِمَا، وَهُوَ إمَّا أَنْ يَكُونَ لِنُقْصَانِ حَالِهَا فِي ذَلِكَ الصَّبِيِّ، أَوْ لِعَدَمِ صَلَاحِيَتِهَا كَالْأُمِّيِّ، أَوْ لِفَوَاتِ شَرْطٍ مِنْ شُرُوطِ الصَّلَاةِ كَالْعَارِي، أَوْ لِفَوَاتِ تَرْتِيبِ الْمَقَامِ كَمَا فِي إمَامَةِ الْمُتَأَخِّرِ وَبِالِاسْتِقْرَاءِ لِعَدَمِ مُجَاوَزَةِ انْتِفَاءِ جَوَازِ الِاقْتِدَاءِ عَنْهَا شَرْعًا، وَلَيْسَ لِلنُّقْصَانِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَانِعٍ لِصِحَّةِ الِاقْتِدَاءِ مُطْلَقًا لِجَوَازِ إمَامَةِ الْفَاسِقِ وَالْعَبْدِ وَالْأَعْمَى مَعَ نُقْصَانِ أَحْوَالِهِمْ، بَلْ إنَّمَا يُمْنَعُ إذَا لَزِمَ مِنْ ذَلِكَ مَحْظُورٌ كَإِمَامَةِ الصَّبِيِّ فَإِنَّهَا تَسْتَلْزِمُ بِنَاءَ الْقَوِيِّ عَلَى الضَّعِيفِ، وَلَا لِعَدَمِ الصَّلَاحِيَةِ لِجَوَازِ إمَامَتِهَا لِلنِّسَاءِ مُتَقَدِّمَةً وَمُتَوَسِّطَةً، وَلَا لِانْتِفَاءِ شَرْطٍ مِنْ الشُّرُوطِ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ عَدَمُهُ فَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ إلَّا بِاعْتِبَارِ تَرْكِ فَرْضِ مَقَامِ الثَّابِتِ بِقَوْلِهِ " أَخِّرُوهُنَّ " الْحَدِيثَ. فَلَمَّا أَجْمَعْنَا هَاهُنَا لِانْعِدَامِ التَّأْخِيرِ يَثْبُتُ الْفَسَادُ فِي الْمُتَنَازَعِ فِيهِ أَيْضًا لِانْعِدَامِ التَّأْخِيرِ، وَأَمَّا أَنَّ مَنْ تَرَكَ فَرْضَ الْمَقَامِ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ فَكَالْمُقْتَدِي إذَا تَقَدَّمَ عَلَى إمَامِهِ.

وَقَوْلُهُ: (وَهُوَ الْمُخَاطَبُ بِهِ) جَوَابٌ عَنْ وَجْهِ الْقِيَاسِ وَتَقْدِيرُهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ فَسَادِ صَلَاتِهَا عَدَمُ فَسَادِ صَلَاتِهِ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الْمُخَاطَبُ بِهِ أَيْ بِقَوْلِهِ " أَخِّرُوهُنَّ " دُونَهَا فَيَكُونُ هُوَ التَّارِكُ لِفَرْضِ الْمَقَامِ فَتَفْسُدُ صَلَاتُهُ دُونَ صَلَاتِهَا، كَالْمَأْمُومِ إذَا تَقَدَّمَ عَلَى الْإِمَامِ، وَاعْتُرِضَ بِأَنَّهُ إذَا كَانَ مَأْمُورًا بِالتَّأْخِيرِ كَانَتْ مَأْمُورَةً بِالتَّأَخُّرِ ضَرُورَةً. وَأُجِيبَ بِالْمَنْعِ فَإِنَّهُ يُمْكِنُ تَأْخِيرُ الرَّجُلِ إيَّاهَا بِأَنْ يَتَقَدَّمَ عَلَيْهَا خُطْوَةً أَوْ خُطْوَتَيْنِ وَلَا تَأَخُّرَ مِنْهَا سَلَّمْنَا ذَلِكَ لَكِنَّهُ ضِمْنِيٌّ فَلَا يُسَاوِي الْقَصْدِيَّ.

وَقَوْلُهُ: (وَإِنْ لَمْ يَنْوِ إمَامَتَهَا) بَيَانٌ لِتَأْثِيرِ النِّيَّةِ. وَقَوْلُهُ: (لَمْ تَضُرَّهُ) أَيْ لَمْ تَضُرَّ الْمُحَاذَاةُ الْمُصَلِّيَ. وَقَوْلُهُ: (؛ لِأَنَّ الِاشْتِرَاكَ لَا يَثْبُتُ دُونَهَا) أَيْ دُونَ النِّيَّةِ (عِنْدَنَا خِلَافًا لِزُفَرَ) فَإِنَّ عِنْدَهُ نِيَّةَ إمَامَتِهَا لَيْسَتْ بِشَرْطٍ لِفَسَادِ صَلَاةِ الرَّجُلِ بَعْدَمَا دَخَلَتْ فِي صَلَاتِهِ؛ لِأَنَّ الرَّجُلَ صَالِحٌ لِإِمَامَةِ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ، ثُمَّ اقْتِدَاءُ الرَّجُلِ بِهِ صَحِيحٌ بِلَا نِيَّةِ إمَامَتِهِ فَكَذَلِكَ اقْتِدَاءُ الْمَرْأَةِ وَقَوْلُهُ: (أَلَا تَرَى) تَوْضِيحٌ لِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّ الِاشْتِرَاكَ لَا يَثْبُتُ دُونَهُمَا، وَتَقْرِيرُهُ الْإِمَامَ يَلْزَمُهُ التَّرْتِيبُ فِي الْمَقَامِ

<<  <  ج: ص:  >  >>