للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يَلْزَمُهُ التَّرْتِيبُ فِي الْمَقَامِ فَيَتَوَقَّفُ عَلَى الْتِزَامِهِ كَالِاقْتِدَاءِ، إنَّمَا يُشْتَرَطُ نِيَّةُ الْإِمَامَةِ إذَا ائْتَمَّتْ مُحَاذِيَةً. وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِجَنْبِهَا رَجُلٌ فَفِيهِ رِوَايَتَانِ، وَالْفَرْقُ عَلَى إحْدَاهُمَا أَنَّ الْفَسَادَ فِي الْأَوَّلِ لَازِمٌ، وَفِي الثَّانِي مُحْتَمَلٌ (وَمِنْ شَرَائِطِ الْمُحَاذَاةِ أَنْ تَكُونَ الصَّلَاةُ مُشْتَرَكَةً، وَأَنْ تَكُونَ مُطْلَقَةً، وَأَنْ تَكُونَ الْمَرْأَةُ مِنْ أَهْلِ الشَّهْوَةِ. وَأَنْ لَا يَكُونَ بَيْنَهُمَا

بِالنَّصِّ، وَكُلُّ مَنْ يَلْزَمُهُ شَيْءٌ يَتَوَقَّفُ عَلَى الْتِزَامِهِ كَالِاقْتِدَاءِ. فَإِنَّ لُزُومَ فَسَادِ صَلَاةِ الْمُقْتَدِي لَمَّا كَانَ مِنْ جَانِبِ الْإِمَامِ مُحْتَمَلًا لَمْ يَصِحَّ الِاقْتِدَاءُ إلَّا بِالِالْتِزَامِ، وَلَا الْتِزَامَ إنَّمَا يَكُونُ بِالنِّيَّةِ. فَكَمَا أَنَّ الِاقْتِدَاءَ لَا يَصِحُّ بِدُونِ النِّيَّةِ لِيَكُونَ الضَّرَرُ اللَّازِمُ مِنْ جَانِبِ الْإِمَامِ ضَرَرًا مَرْضِيًّا، كَذَلِكَ لَا تَصِحُّ إمَامَةُ النِّسَاءِ بِدُونِ النِّيَّةِ لِلنِّسَاءِ لِيَكُونَ الضَّرَرُ اللَّازِمُ لِلْإِمَامِ مِنْ جَانِبِهِنَّ ضَرَرًا مَرْضِيًّا، وَهَذَا وَاضِحٌ جِدًّا، وَفِيهِ بَحْثٌ مِنْ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَنَّ كُلَّ هَذَا مَوْقُوفٌ عَلَى اشْتِرَاطِ ثُبُوتِ الِاشْتِرَاكِ، وَثُبُوتُهُ مَمْنُوعٍ؛ لِأَنَّ النَّصَّ لَمْ يَفْصِلْ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ الْمُحَاذَاةُ فِي صَلَاةٍ مُشْتَرَكَةٍ أَوْ غَيْرِهَا وَالثَّانِي أَنَّهُ مَنْقُوضٌ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ بِاقْتِدَاءِ الْقَارِئِ بِالْأُمِّيِّ. فَإِنَّ صَلَاةَ الْأُمِّيِّ تَفْسُدُ بِسَبَبِ اقْتِدَاءِ الْقَارِئِ بِهِ، وَمَعَ ذَلِكَ لَا يُشْتَرَطُ لِلْأُمِّيِّ نِيَّةُ إمَامَةِ الْقَارِئِ.

وَالْجَوَابُ عَنْ الْأَوَّلِ أَنَّهُ تَشْكِيكٌ فِي الْمُسَلَّمَاتِ، فَإِنَّ كُلَّ مَنْ يَقُولُ بِمَسْأَلَةِ الْمُحَاذَاةِ يَشْتَرِطُ الِاشْتِرَاكَ، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ بَيْنَنَا وَبَيْنَ زُفَرَ أَنَّهُ يَقُولُ: الِاشْتِرَاكُ يَثْبُتُ بِدُخُولِهَا فِي صَلَاتِهِ نَوَى إمَامَتَهَا أَوْ لَمْ يَنْوِ، وَنَحْنُ نَقُولُ لَا يَثْبُتُ الِاشْتِرَاكُ بِدُونِهَا كَمَا ذَكَرْنَا آنِفًا، وَالتَّشْكِيكُ فِي الْمُسَلَّمَاتِ غَيْرُ مَسْمُوعٍ عَلَى أَنَّ النَّصَّ يَدُلُّ عَلَى تَرْتِيبِ الْمَقَامِ، وَالْمَقَامُ وَتَرْتِيبُهُ إنَّمَا يُتَصَوَّرُ فِي صَلَاةٍ أُدِّيَتْ بِجَمَاعَةٍ؛ لِأَنَّ الْإِمَامَ تَقَدَّمَ عَلَى الْمَأْمُومِ بِالرُّتْبَةِ، وَالصَّلَاةُ بِالْجَمَاعَةِ تَسْتَلْزِمُ الِاشْتِرَاكَ.

وَعَنْ الثَّانِي بِأَنَّهُ عَلَى قَوْلِ الْكَرْخِيِّ مَمْنُوعٌ، فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ عِنْدَهُ بِدُونِ النِّيَّةِ، وَلَئِنْ سَلَّمْنَا فَنَقُولُ كَلَامُنَا فِي فَسَادٍ يَحْصُلُ بِسَبَبِ الِاقْتِدَاءِ كَاَلَّذِي فِي اقْتِدَاءِ الْمُحَاذِيَةِ فَإِنَّ صَلَاةَ الْإِمَامِ إنَّمَا تَفْسُدُ بِسَبَبِهِ، وَصُورَةُ النَّقْضِ لَيْسَتْ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْقَارِئَ لَوْ صَلَّى وَحْدَهُ وَالْأُمِّيُّ وَحْدَهُ وَأَمْكَنَ الْأُمِّيَّ الِاقْتِدَاءُ بِهِ فَسَدَتْ أَيْضًا فَلَمْ يَكُنْ الْفَسَادُ بِسَبَبِ اقْتِدَاءٍ حَتَّى يَدْفَعَ عَنْ نَفْسِهِ بِتَرْكِ النِّيَّةِ.

وَقَوْلُهُ: (وَإِنَّمَا يُشْتَرَطُ نِيَّةُ الْإِمَامِ إذَا ائْتَمَّتْ مُحَاذِيَةً) أَيْ إذَا اقْتَدَتْ بِالْإِمَامِ مُحَاذِيَةً لَهُ يُشْتَرَطُ نِيَّةُ الْإِمَامِ لِفَسَادِ الصَّلَاةِ، وَأَمَّا إذَا وَقَفَتْ خَلْفَهُ فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ بِجَنْبِهَا رَجُلٌ أَوْ لَا، فَإِنْ كَانَ فَالصَّوَابُ أَنَّ اقْتِدَاءَهَا لَا يَصِحُّ إلَّا بِالنِّيَّةِ مِنْ جِهَةِ الْإِمَامِ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ الْفَسَادُ عَلَى مَنْ بِجَنْبِهَا، وَذَلِكَ يَسْتَدْعِي لِنِيَّةِ مَنْ بِجَنْبِهَا عَلَى أَصْلِ الْمَارِّ إلَّا أَنَّهُ مُوَلًّى عَلَيْهِ مِنْ جِهَةِ إمَامِهِ فَيَتَوَقَّفُ مَا يَلْزَمُهُ عَلَى الْتِزَامِ إمَامِهِ وَالْتِزَامُ الْإِمَامِ إلْزَامُهُ (وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِجَنْبِهَا رَجُلٌ فَفِيهِ رِوَايَتَانِ) فِي رِوَايَةٍ لَا يَصِحُّ اقْتِدَاؤُهَا لِاحْتِمَالِ الْفَسَادِ مِنْ جِهَتِهَا بِالْمَشْيِ وَالْمُحَاذَاةِ فَتَحْتَاجُ إلَى الِالْتِزَامِ، وَفِي رِوَايَةٍ يَصِحُّ (وَ) عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ يُحْتَاجُ إلَى (الْفَرْقُ) وَهُوَ (أَنَّ الْفَسَادَ الْأَوَّلَ) وَهُوَ مَا إذَا كَانَتْ مُحَاذِيَةً (لَازِمٌ) أَيْ وَاقِعٌ فِي الْحَالِ (وَالثَّانِيَ) وَهُوَ مَا إذَا كَانَتْ خَلْفَهُ وَلَيْسَ بِجَنْبِهَا رَجُلٌ (مُحْتَمَلٌ) لِاحْتِمَالِ أَنْ تَمْشِيَ فَتُحَاذِيَ، وَلَكِنَّ الظَّاهِرَ عَدَمُ ذَلِكَ، فَلَمْ تُشْتَرَطْ نِيَّةُ

<<  <  ج: ص:  >  >>