(وَإِنْ شَهِدُوا بِقِصَاصٍ ثُمَّ رَجَعُوا بَعْدَ الْقَتْلِ ضَمِنُوا الدِّيَةَ وَلَا يُقْتَصُّ مِنْهُمْ) وَقَالَ الشَّافِعِيُّ ﵀: يُقْتَصُّ مِنْهُمْ لِوُجُودِ الْقَتْلِ مِنْهُمْ تَسْبِيبًا فَأَشْبَهَ الْمُكْرِهَ بَلْ أَوْلَى، لِأَنَّ الْوَلِيَّ يُعَانُ وَالْمُكْرِهَ يُمْنَعُ. وَلَنَا أَنَّ الْقَتْلَ مُبَاشَرَةَ لَمْ يُوجَدْ، وَكَذَا تَسْبِيبًا
بِمَالٍ مُتَقَوِّمٍ، ثُمَّ لَا يَخْتَلِفُ الضَّمَانُ بِالْيَسَارِ وَالْإِعْسَارِ لِكَوْنِهِ ضَمَانَ إتْلَافٍ وَإِنَّهُ لَا يَخْتَلِفُ بِذَلِكَ.
قَالَ (وَإِذَا شَهِدَا بِقِصَاصٍ ثُمَّ رَجَعَا إلَخْ) إذَا شَهِدَا عَلَى رَجُلٍ بِالْقِصَاصِ فَاقْتُصَّ مِنْهُ ثُمَّ رَجَعَا ضَمِنَا الدِّيَةَ فِي مَالِهِمَا (وَلَا يُقْتَصُّ مِنْهُمَا. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: يُقْتَصُّ مِنْهُمَا لِوُجُودِ الْقَتْلِ تَسْبِيبًا فَأَشْبَهَ الْمُكْرَهَ) أَيْ فَأَشْبَهَ الْمُسَبِّبَ هَاهُنَا وَهُوَ الشَّاهِدُ الْمُكْرَهُ إنْ كَانَ اسْمَ فَاعِلٍ، أَوْ فَأَشْبَهَ الْقَاضِيَ الْمُكْرَهَ؛ لِأَنَّهُ كَالْمُلْجَإِ بِشَهَادَتِهِمَا، حَتَّى لَوْ لَمْ يَرَ الْوُجُوبَ كَفَرَ إنْ كَانَ اسْمَ مَفْعُولٍ. وَقِيلَ أَشْبَهَ الْوَلِيَّ الْمُكْرَهَ وَهُوَ لَيْسَ بِشَيْءٍ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمُلْجَإٍ إلَى الْقَتْلِ. وَقَوْلُهُ: (بَلْ أَوْلَى) أَيْ التَّسْبِيبُ هَاهُنَا أَوْلَى مِنْ الْإِكْرَاهِ؛ لِأَنَّ التَّسْبِيبَ مُوجِبٌ مِنْ حَيْثُ الْإِفْضَاءُ وَالْإِفْضَاءُ هَاهُنَا أَكْثَرُ؛ لِأَنَّ الْمُكْرَهَ يُمْنَعُ عَنْ الْقَتْلِ وَلَا يُعَانُ عَلَيْهِ، وَالْوَلِيُّ يُعَانُ عَلَى الِاسْتِيفَاءِ فَكَانَ هَذَا أَكْثَرَ إفْضَاءً، وَمَعَ ذَلِكَ يُقْتَصُّ مِنْ الْمُكْرَهِ لِلتَّسْبِيبِ فَمِنْ الشَّاهِدِ أَوْلَى (وَلَنَا أَنَّ الْقَتْلَ مُبَاشَرَةً لَمْ يُوجَدْ) وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَهُوَ مُسْتَغْنًى عَنْهُ هَاهُنَا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَخْتَلِفْ فِيهِ أَحَدٌ، وَلَيْسَ لَهُ تَعَلُّقٌ بِمَا نَحْنُ فِيهِ إلَّا أَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute