(وَلَوْ رَجَعَ الْأُصُولُ وَالْفُرُوعُ جَمِيعًا يَجِبُ الضَّمَانُ عِنْدَهُمَا عَلَى الْفُرُوعِ لَا غَيْرُ) لِأَنَّ الْقَضَاءَ وَقَعَ بِشَهَادَتِهِمْ: وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ ﵀ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ بِالْخِيَارِ، إنْ شَاءَ ضَمِنَ الْأُصُولَ وَإِنْ شَاءَ ضَمِنَ الْفُرُوعَ، لِأَنَّ الْقَضَاءَ وَقَعَ بِشَهَادَةِ الْفُرُوعِ مِنْ الْوَجْهِ الَّذِي ذَكَرَا وَبِشَهَادَةِ الْأُصُولِ مِنْ الْوَجْهِ الَّذِي ذَكَرَ فَيَتَخَيَّرُ بَيْنَهُمَا، وَالْجِهَتَانِ مُتَغَايِرَتَانِ فَلَا يُجْمَعُ بَيْنَهُمَا فِي التَّضْمِينِ (وَإِنْ قَالَ شُهُودُ الْفَرْعِ كَذَبَ شُهُودُ الْأَصْلِ أَوْ غَلِطُوا فِي شَهَادَتِهِمْ لَمْ يُلْتَفَتْ إلَى ذَلِكَ) لِأَنَّ مَا أُمْضِيَ مِنْ الْقَضَاءِ لَا يُنْتَقَضُ بِقَوْلِهِمْ، وَلَا يَجِبُ الضَّمَانُ عَلَيْهِمْ لِأَنَّهُمْ مَا رَجَعُوا عَنْ شَهَادَتِهِمْ إنَّمَا شَهِدُوا عَلَى غَيْرِهِمْ بِالرُّجُوعِ
يُعْتَبَرُ عَدَالَتُهُمَا فَصَارَا كَأَنَّهُمَا حَضَرَا بِأَنْفُسِهِمَا وَشَهِدَا ثُمَّ رَجَعَا، وَفِي ذَلِكَ يَلْزَمُهُمْ الضَّمَانُ فَكَذَا هَاهُنَا.
(وَلَوْ رَجَعَ الْأُصُولُ وَالْفُرُوعُ جَمِيعًا) فَعِنْدَهُمَا (يَجِبُ الضَّمَانُ) عَلَى الْفُرُوعِ لَا غَيْرُ لِمَا مَرَّ أَنَّ الْقَضَاءَ وَقَعَ بِشَهَادَتِهِمْ (وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ مُخَيَّرٌ) بَيْنَ تَضْمِينِ الْأُصُولِ وَالْفُرُوعِ عَمَلًا بِالدَّلِيلَيْنِ، وَذَلِكَ (لِأَنَّ الْقَضَاءَ وَقَعَ بِشَهَادَةِ الْفُرُوعِ مِنْ الْوَجْهِ الَّذِي ذَكَرَ) أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ (وَبِشَهَادَةِ الْأُصُولِ مِنْ الْوَجْهِ الَّذِي ذَكَرَهُ مُحَمَّدٌ) وَالْعَمَلُ بِهِمَا أَوْلَى مِنْ إهْمَالِ أَحَدِهِمَا. فَإِنْ قِيلَ: فَلِمَ لَمْ يَجْمَعْ بَيْنَ الْجِهَتَيْنِ حَتَّى يَضْمَنَ كُلُّ فَرِيقٍ نِصْفَ الْمُتْلَفِ. أَجَابَ بِقَوْلِهِ (وَالْجِهَتَانِ مُتَغَايِرَتَانِ)؛ لِأَنَّ شَهَادَةَ الْأُصُولِ كَانَتْ عَلَى أَصْلِ الْحَقِّ وَشَهَادَةُ الْفُرُوعِ عَلَى شَهَادَةِ الْأُصُولِ، وَلَا مُجَانَسَةَ بَيْنَهُمَا لِيُجْعَلَ الْكُلُّ فِي حُكْمِ شَهَادَةٍ وَاحِدَةٍ فَلَمْ يَبْقَ إلَّا أَنْ يَكُونَ الضَّمَانُ عَلَى كُلِّ فَرِيقٍ كَالْمُنْفَرِدِ عَنْ غَيْرِهِ، وَتَأْخِيرُ دَلِيلِ مُحَمَّدٍ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ يَدُلُّ عَلَى اخْتِيَارِ الْمُصَنِّفِ.
قَوْلَ مُحَمَّدٍ (وَإِنْ قَالَ شُهُودُ الْفَرْعِ كَذَبَ شُهُودُ الْأَصْلِ أَوْ غَلِطُوا فِي شَهَادَتِهِمْ لَمْ يُلْتَفَتْ إلَى قَوْلِهِمْ) وَلَا يَبْطُلُ بِهِ الْقَضَاءُ؛ لِأَنَّهُ خَبَرٌ مُحْتَمِلٌ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِمْ؛؛ لِأَنَّهُمْ مَا رَجَعُوا عَنْ شَهَادَتِهِمْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute