قَالَ (وَإِنْ رَجَعَ الْمُزَكَّوْنَ عَنْ التَّزْكِيَةِ ضَمِنُوا) وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ ﵀.
وَقَالَا: لَا يَضْمَنُونَ لِأَنَّهُمْ أَثْنَوْا عَلَى الشُّهُودِ خَيْرًا فَصَارُوا كَشُهُودِ الْإِحْصَانِ. وَلَهُ أَنَّ التَّزْكِيَةَ إعْمَالٌ لِلشَّهَادَةِ، إذْ الْقَاضِي لَا يَعْمَلُ بِهَا إلَّا بِالتَّزْكِيَةِ فَصَارَتْ بِمَعْنَى عِلَّةِ الْعِلَّةِ، بِخِلَافِ شُهُودِ الْإِحْصَانِ لِأَنَّهُ شَرْطٌ مَحْضٌ
(وَإِذَا شَهِدَ شَاهِدَانِ بِالْيَمِينِ وَشَاهِدَانِ بِوُجُودِ الشَّرْطِ
إنَّمَا شَهِدُوا عَلَى غَيْرِهِمْ بِالرُّجُوعِ وَذَلِكَ لَا يُفِيدُ شَيْئًا.
قَالَ (وَإِنْ رَجَعَ الْمُزَكُّونَ عَنْ التَّزْكِيَةِ ضَمِنُوا إلَخْ) إذَا شَهِدُوا بِالزِّنَا فَزُكُّوا فَرُجِمَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ ثُمَّ ظَهَرَ الشُّهُودُ عَبِيدًا أَوْ كُفَّارًا، فَإِنْ ثَبَتُوا عَلَى التَّزْكِيَةِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِمْ؛ لِأَنَّهُمْ اعْتَمَدُوا عَلَى مَا سَمِعُوا مِنْ إسْلَامِهِمْ وَحُرِّيَّتِهِمْ وَلَمْ يَتَبَيَّنْ كَذِبُهُمْ بِمَا أَخْبَرُوا مِنْ قَوْلِ النَّاسِ إنَّهُمْ أَحْرَارٌ مُسْلِمُونَ وَلَا عَلَى الشُّهُودِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَبَيَّنْ كَذِبُهُمْ وَلَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُمْ؛ إذْ لَا شَهَادَةَ لِلْعَبِيدِ وَالْكُفَّارِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَالدِّيَةُ فِي بَيْتِ الْمَالِ، وَإِنْ رَجَعُوا عَنْ تَزْكِيَتِهِمْ وَقَالُوا تَعَمَّدْنَا ضَمِنُوا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ ﵀ خِلَافًا لَهُمَا؛ لِأَنَّ الْمُزَكِّينَ مَا أَثْبَتُوا سَبَبَ الْإِتْلَافِ؛ لِأَنَّهُ الزِّنَا وَمَا تَعَرَّضُوا لَهُ، وَإِنَّمَا أَثْنَوْا عَلَى الشُّهُودِ خَيْرًا وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُثْنِي عَلَى الشُّهُودِ كَشُهُودِ الْإِحْصَانِ. وَلَهُ أَنَّ التَّزْكِيَةَ إعْمَالٌ لِلشَّهَادَةِ؛ إذْ الْقَاضِي لَا يَعْمَلُ بِالشَّهَادَةِ إلَّا بِالتَّزْكِيَةِ، وَكُلُّ مَا هُوَ كَذَلِكَ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ عِلَّةِ الْعِلَّةِ مِنْ حَيْثُ التَّأْثِيرُ، وَعِلَّةُ الْعِلَّةِ كَالْعِلَّةِ فِي إضَافَةِ الْحُكْمِ إلَيْهَا، وَإِنَّمَا قَالَ بِمَعْنَى عِلَّةِ الْعِلَّةِ؛ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ لَيْسَتْ بِعِلَّةٍ، وَإِنَّمَا هِيَ سَبَبٌ أُضِيفَ إلَيْهِ الْحُكْمُ لِتَعَذُّرِ الْإِضَافَةِ إلَى الْعِلَّةِ، بِخِلَافِ شُهُودِ الْإِحْصَانِ فَإِنَّهُ شَرْطٌ مَحْضٌ؛ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ عَلَى الزِّنَا بِدُونِ الْإِحْصَانِ مُوجِبَةٌ لِلْعُقُوبَةِ، وَشُهُودُ الْإِحْصَانِ مَا جَعَلُوا غَيْرَ الْمُوجِبِ مُوجِبًا.
قَالَ (وَإِذَا شَهِدَ شَاهِدَانِ بِالْيَمِينِ إلَخْ) إذَا شَهِدَا عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ قَالَ لِعَبْدِهِ إنْ دَخَلَتْ هَذِهِ الدَّارَ فَأَنْتَ حُرٌّ أَوْ قَالَ ذَلِكَ لِامْرَأَتِهِ قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute