للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثُمَّ رَجَعُوا فَالضَّمَانُ عَلَى شُهُودِ الْيَمِينِ خَاصَّةً) لِأَنَّهُ هُوَ السَّبَبُ، وَالتَّلَفُ يُضَافُ إلَى مُثْبِتِي السَّبَبِ دُونَ الشَّرْطِ الْمَحْضِ: أَلَا تَرَى أَنَّ الْقَاضِيَ يَقْضِي بِشَهَادَةِ الْيَمِينِ دُونَ شُهُودِ الشَّرْطِ، وَلَوْ رَجَعَ شُهُودُ الشَّرْطِ وَحْدَهُمْ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ. وَمَعْنَى الْمَسْأَلَةِ يَمِينُ الْعَتَاقِ وَالطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ.

وَشَهِدَ آخَرَانِ عَلَى دُخُولِهَا ثُمَّ رَجَعُوا جَمِيعًا فَالضَّمَانُ عَلَى شُهُودِ الْيَمِينِ خَاصَّةً، وَقَوْلُهُ: خَاصَّةً رَدٌّ لِقَوْلِ زُفَرَ فَإِنَّهُ يَقُولُ: الضَّمَانُ عَلَيْهِمْ؛ لِأَنَّ الْمَالَ تَلِفَ بِشَهَادَتِهِمَا. وَقُلْنَا: السَّبَبُ هُوَ الْيَمِينُ لَا مَحَالَةَ، وَالتَّلَفُ يُضَافُ إلَى السَّبَبِ دُونَ الشَّرْطِ الْمَحْضِ؛ لِأَنَّ السَّبَبَ إذَا صَلَحَ لِإِضَافَةِ الْحُكْمِ إلَيْهِ لَا يُصَارُ إلَى الشَّرْطِ كَحَافِرِ الْبِئْرِ مَعَ الْمُلْقِي فَإِنَّ الضَّمَانَ عَلَيْهِ دُونَ الْحَافِرِ (قَوْلُهُ: أَلَا تَرَى) تَوْضِيحٌ لِلْإِضَافَةِ إلَى السَّبَبِ دُونَ الشَّرْطِ، فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَسْمَعُ الشَّهَادَةَ بِالْيَمِينِ وَيْحُكُمْ بِهَا وَإِنْ لَمْ يَشْهَدْ بِالدُّخُولِ (وَلَوْ رَجَعَ شُهُودُ الشَّرْطِ وَحْدَهُمْ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ) وَمَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ إلَى عَدَمِ وُجُوبِ الضَّمَانِ عَلَى شُهُودِ الشَّرْطِ، وَفِيمَا إذَا كَانَتْ الْيَمِينُ ثَابِتَةً بِإِقْرَارِ الْمَوْلَى وَرَجَعَ شُهُودُ الشَّرْطِ ظَنَّ بَعْضُ الْمَشَايِخِ أَنَّهُمْ يَضْمَنُونَ؛ لِأَنَّ الْعِلَّةَ لَا تَصْلُحُ لِإِضَافَةِ الْحُكْمِ إلَيْهَا هَاهُنَا فَإِنَّهَا لَيْسَتْ بِتَعَدٍّ فَيُضَافُ إلَى الشَّرْطِ خَلَفًا عَنْ الْعِلَّةِ وَشَبَّهَهُ بِحَفْرِ الْبِئْرِ. قِيلَ وَهُوَ غَلَطٌ، بَلْ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّ شُهُودَ الشَّرْطِ لَا يَضْمَنُونَ بِحَالٍ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الزِّيَادَاتِ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ أَنْتَ حُرٌّ مُبَاشَرَةٌ لِإِتْلَافِ الْمَالِيَّةِ، وَعِنْدَ وُجُودِ مُبَاشَرَةِ الْإِتْلَافِ يُضَافُ الْحُكْمُ إلَى الْعِلَّةِ دُونَ الشَّرْطِ سَوَاءٌ كَانَ بِطَرِيقِ التَّعَدِّي أَوْ لَا، بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الْحَفْرِ فَإِنَّ الْعِلَّةَ هُنَاكَ ثِقَلُ الْمَاشِي، وَلَيْسَ ذَلِكَ مِنْ مُبَاشَرَةِ الْإِتْلَافِ فِي شَيْءٍ فَلِذَلِكَ جُعِلَ الْإِتْلَافُ مُضَافًا إلَى الشَّرْطِ (قَوْلُهُ: وَمَعْنَى الْمَسْأَلَةِ) يُرِيدُ بِهِ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ وَقَدْ قَدَّمْنَاهَا فِي صَدْرِ الْبَحْثِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ

<<  <  ج: ص:  >  >>