للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

دُونَ حَضْرَتِهِ لِأَنَّ كَلَامَ الْوَكِيلِ يَنْتَقِلُ إلَى الْمُوَكِّلِ عِنْدَ حُضُورِهِ فَصَارَ كَأَنَّهُ مُتَكَلِّمٌ بِنَفْسِهِ. لَهُ أَنَّ التَّوْكِيلَ إنَابَةٌ وَشُبْهَةُ النِّيَابَةِ يُتَحَرَّزُ عَنْهَا فِي هَذَا الْبَابِ (كَمَا فِي الشَّهَادَةِ وَكَمَا فِي الِاسْتِيفَاءِ) وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الْخُصُومَةَ شَرْطٌ مَحْضٌ لِأَنَّ الْوُجُوبَ مُضَافٌ إلَى الْجِنَايَةِ وَالظُّهُورَ إلَى الشَّهَادَةِ فَيَجْرِي فِيهِ التَّوْكِيلُ كَمَا فِي سَائِرِ الْحُقُوقِ، وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ التَّوْكِيلُ بِالْجَوَابِ مِنْ جَانِبِ مَنْ عَلَيْهِ الْحَدُّ وَالْقِصَاصُ.

وَكَلَامُ أَبِي حَنِيفَةَ فِيهِ أَظْهَرُ لِأَنَّ الشُّبْهَةَ لَا تَمْنَعُ الدَّفْعَ، غَيْرَ أَنَّ إقْرَارَ الْوَكِيلِ غَيْرُ مَقْبُولٍ عَلَيْهِ لِمَا فِيهِ مِنْ شُبْهَةِ عَدَمِ الْأَمْرِ بِهِ.

يُحْتَرَزُ فِيهِ عَنْ الشُّبُهَاتِ كَمَا فِي الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ وَكَمَا فِي الِاسْتِيفَاءِ (وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الْخُصُومَةَ شَرْطٌ مَحْضٌ؛ لِأَنَّ الْوُجُوبَ مُضَافٌ إلَى الْجِنَايَةِ وَالظُّهُورُ إلَى الشَّهَادَةِ) وَالشَّرْطُ الْمَحْضُ حَقٌّ مِنْ الْحُقُوقِ يَجُوزُ لِلْمُوَكِّلِ مُبَاشَرَتُهُ فَيَجُوزُ التَّوْكِيلُ بِهِ كَسَائِرِ الْحُقُوقِ لِقِيَامِ الْمُقْتَضِي وَانْتِقَاءِ الْمَانِعِ. لَا يُقَالُ: الْمَانِعُ وَهُوَ الشُّبْهَةُ مَوْجُودٌ كَمَا فِي الِاسْتِيفَاءِ، وَالشَّهَادَةُ عَلَى الشَّهَادَةِ؛ لِأَنَّهَا فِي الشَّرْطِ لَا يَصْلُحُ مَانِعًا لِعَدَمِ تَعَلُّقِهِ بِالْوُجُوبِ وَالظُّهُورِ وَالْوُجُودِ، بِخِلَافِ الِاسْتِيفَاءِ فَإِنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِهِ الْوُجُودُ، وَبِخِلَافِ الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ فَإِنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِهَا الظُّهُورُ، وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ إذَا وَكَّلَ الْمَطْلُوبَ بِالْقِصَاصِ وَكِيلًا بِالْجَوَابِ بِدَفْعِ مَا عَلَيْهِ. وَكَلَامُ أَبِي حَنِيفَةَ فِيهِ أَظْهَرُ؛ لِأَنَّ الشُّبْهَةَ الْمَذْكُورَةَ عَلَى تَقْدِيرِ كَوْنِهَا مُعْتَبَرَةً لَا تَمْنَعُ الدَّفْعَ، أَلَا تَرَى أَنَّ الشَّهَادَةَ عَلَى الشَّهَادَةِ وَشَهَادَةُ النِّسَاءِ مَعَ الرِّجَالِ فِي الْعَفْوِ صَحِيحَةٌ، لَكِنَّ هَذَا الْوَكِيلَ لَوْ أَقَرَّ فِي مَجْلِسِ الْقَضَاءِ بِوُجُوبِ الْقِصَاصِ عَلَى مُوَكِّلِهِ لَمْ يَصِحَّ اسْتِحْسَانًا، وَالْقِيَاسُ صِحَّتُهُ، لِقِيَامِهِ مَقَامَ الْمُوَكِّلِ بَعْدَ صِحَّةِ التَّوْكِيلِ كَمَا فِي الْإِقْرَارِ بِسَائِرِ الْحُقُوقِ. وَوَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ مَا قَالَهُ مِنْ شُبْهَةِ عَدَمِ

<<  <  ج: ص:  >  >>