للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَلَا يَكُونُ رَاضِيًا بِسُقُوطِ حَقِّهِ فِي الْحَبْسِ، عَلَى أَنَّ قَبْضَهُ مَوْقُوفٌ فَيَقَعُ لِلْمُوَكِّلِ إنْ لَمْ يَحْبِسْهُ وَلِنَفْسِهِ عِنْدَ حَبْسِهِ (فَإِنْ حَبَسَهُ فَهَلَكَ كَانَ مَضْمُونًا ضَمَانَ الرَّهْنِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَضَمَانَ الْمَبِيعِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ) وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ ، وَضَمَانَ الْغَصْبِ عِنْدَ زُفَرَ ؛ لِأَنَّهُ مَنْعٌ بِغَيْرِ حَقٍّ، لَهُمَا أَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْبَائِعِ مِنْهُ فَكَانَ حَبْسُهُ لِاسْتِيفَاءِ الثَّمَنِ فَيَسْقُطُ بِهَلَاكِهِ

قِيمَتِهِ وَمِنْ الثَّمَنِ، فَإِذَا كَانَ الثَّمَنُ خَمْسَةَ عَشَرَ مَثَلًا وَقِيمَةُ الْبَيْعِ عَشَرَةً رَجَعَ الْوَكِيلُ عَلَى الْمُوَكِّلِ بِخَمْسَةٍ. وَضَمَانُ الْبَيْعِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ يَسْقُطُ الثَّمَنُ بِهِ، قَلِيلًا كَانَ أَوْ كَثِيرًا. وَضَمَانُ الْغَصْبِ عِنْدَ زُفَرَ يَجِبُ مِثْلُهُ أَوْ قِيمَتُهُ بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ، وَلَا يَرْجِعُ الْوَكِيلُ عَلَى الْمُوَكِّلِ إنْ كَانَ ثَمَنُهُ أَكْثَرَ، وَيَرْجِعُ الْمُوَكِّلُ عَلَى الْوَكِيلِ إنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ أَكْثَرَ. زُفَرُ يَقُولُ: مَنْعُهُ حَقَّهُ بِغَيْرِ حَقٍّ لِمَا ذَكَرْنَا أَنَّ قَبْضَهُ قَبْضُ الْمُوَكِّلِ وَلَيْسَ لَهُ حَقُّ الْحَبْسِ فِيهِ فَصَارَ غَاصِبًا

(وَلَهُمَا) أَيْ لِأَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ (أَنَّ الْوَكِيلَ بِمَنْزِلَةِ الْبَائِعِ مِنْ الْمُوَكِّلِ) كَمَا تَقَدَّمَ، وَالْبَائِعُ حَبْسُهُ إنَّمَا هُوَ لِاسْتِيفَاءِ الثَّمَنِ، فَكَذَا حَبْسُ الْوَكِيلِ فَيَسْقُطُ الثَّمَنُ بِهَلَاكِ الْمَبِيعِ. وَاعْتُرِضَ بِأَنَّهُ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَزِمَ الضَّمَانُ حَبَسَ أَوْ لَمْ يَحْبِسْ، لِأَنَّ الْمَبِيعَ مَضْمُونٌ عَلَى الْبَائِعِ وَإِنْ لَمْ يَحْبِسْ. وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ إذَا حَبَسَ تَعَيَّنَ أَنَّهُ بِالْقَبْضِ كَانَ عَامِلًا لِنَفْسِهِ فَتَقْوَى جِهَةُ كَوْنِهِ بَائِعًا فَلَزِمَ الضَّمَانُ، وَأَمَّا إذَا لَمْ يَحْبِسْ فَقَبْضُهُ كَانَ لِمُوَكِّلِهِ فَأَشْبَهَ الرَّسُولَ فَهَلَكَ عِنْدَهُ أَمَانَةً

<<  <  ج: ص:  >  >>