للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلِأَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ مَضْمُونٌ بِالْحَبْسِ لِلِاسْتِيفَاءِ بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ وَهُوَ الرَّهْنُ بِعَيْنِهِ بِخِلَافِ الْمَبِيعِ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ يَنْفَسِخُ بِهَلَاكِهِ وَهَا هُنَا لَا يَنْفَسِخُ أَصْلُ الْعَقْدِ. قُلْنَا: يَنْفَسِخُ فِي حَقِّ الْمُوَكِّلِ وَالْوَكِيلِ، كَمَا إذَا رَدَّهُ الْمُوَكِّلُ بِعَيْبٍ وَرَضِيَ الْوَكِيلُ بِهِ.

(قَالَ: وَإِذَا وَكَّلَهُ بِشِرَاءِ عَشَرَةِ أَرْطَالِ لَحْمٍ بِدِرْهَمٍ فَاشْتَرَى عِشْرِينَ رِطْلًا بِدِرْهَمٍ مِنْ لَحْمٍ يُبَاعُ مِنْهُ عَشَرَةُ أَرْطَالٍ بِدِرْهَمٍ

وَلِأَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ مَضْمُونٌ بِالْحَبْسِ لِلِاسْتِيفَاءِ بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ) لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مَضْمُونًا قَبْلَ الْحَبْسِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَصَارَ مَضْمُونًا بَعْدَ الْحَبْسِ، وَكُلُّ مَا هُوَ كَذَلِكَ فَهُوَ مَعْنَى الرَّهْنِ لَا مَعْنَى الْبَيْعِ، فَإِنَّ الْمَبِيعَ مَضْمُونٌ قَبْلَ الْحَبْسِ بِنَفْسِ الْعَقْدِ وَهَذَا لِإِثْبَاتِ مُدَّعَاهُ.

وَقَوْلُهُ (بِخِلَافِ الْمَبِيعِ) لِنَفْيِ قَوْلِهِمَا: يَعْنِي أَنَّ الْمُشْتَرَى لَيْسَ كَالْمَبِيعِ هَاهُنَا لِأَنَّ الْبَيْعَ يَنْفَسِخُ بِهَلَاكِ الْمَبِيعِ، وَهَاهُنَا لَا يَنْفَسِخُ أَصْلُ الْبَيْعِ: يَعْنِي الَّذِي بَيْنَ الْوَكِيلِ وَبَائِعِهِ. وَأَجَابَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ قُلْنَا يَنْفَسِخُ فِي حَقِّ الْمُوَكِّلِ وَالْوَكِيلِ وَإِنْ لَمْ يَنْفَسِخْ فِي حَقِّ الْبَائِعِ، وَمِثْلُهُ لَا يَمْتَنِعُ كَمَا لَوْ وَجَدَ الْمُوَكِّلُ عَيْبًا بِالْمُشْتَرَى فَرَدَّهُ وَرَضِيَ بِهِ الْوَكِيلُ فَإِنَّهُ يَلْزَمُ الْوَكِيلَ وَيَنْفَسِخُ الْعَقْدُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُوَكِّلِ.

قِيلَ: وَهَذَا مُغَالَطَةٌ عَلَى أَبِي يُوسُفَ، لِأَنَّهُ يُفَرِّقُ بَيْنَ هَلَاكِ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ فِي يَدِ الْبَائِعِ وَبَيْنَ هَلَاكِهِ فِي يَدِ الْوَكِيلِ بَعْدَ الْحَبْسِ، فَفِي الْأَوَّلِ يَنْفَسِخُ الْبَيْعُ، وَفِي الثَّانِي لَا، وَانْفِسَاخُ الْبَيْعِ بَيْنَ الْوَكِيلِ وَالْمُوَكِّلِ بِالرَّدِّ بِالْعَيْبِ لَا يَدُلُّ عَلَى انْفِسَاخِهِ مِنْ الْأَصْلِ إذَا هَلَكَ فِي يَدِ الْوَكِيلِ فَخَرَجَ الْجَوَابُ عَنْ مَوْضِعِ النِّزَاعِ، وَأَنَّهُ كَمَا تَرَى فَاسِدٌ لِأَنَّهُ إذَا فُرِضَ أَنَّ الْوَكِيلَ بَائِعٌ كَانَ الْهَلَاكُ فِي يَدِهِ كَالْهَلَاكِ فِي يَدِ الْبَائِعِ لَيْسَ بِوَكِيلٍ فَاسْتَوَيَا فِي وُجُودِ الْفَسْخِ وَبَطَلَ الْفَرْقُ، بَلْ إذَا تَأَمَّلْت حَقَّ التَّأَمُّلِ وَجَدْت مَا ذُكِرَ مِنْ جَانِبِ أَبِي يُوسُفَ غَلَطًا أَوْ مُغَالَطَةً، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْبَائِعَ مِنْ الْوَكِيلِ بِمَنْزِلَةِ بَائِعِ الْبَائِعِ، وَإِذَا انْفَسَخَ الْعَقْدُ بَيْنَ الْمُشْتَرِي وَبَائِعِهِ لَا يَلْزَمُ مِنْهُ الْفَسْخُ بَيْنَ الْبَائِعِ وَبَائِعِهِ فَكَانَ ذِكْرُهُ أَحَدَهُمَا.

قَالَ (وَإِذَا وَكَّلَهُ بِشِرَاءِ عَشَرَةِ أَرْطَالِ لَحْمٍ بِدِرْهَمٍ إلَخْ) وَكَّلَ رَجُلًا

<<  <  ج: ص:  >  >>