لَزِمَ الْمُوَكِّلَ مِنْهُ عَشْرَةٌ بِنِصْفِ دِرْهَمٍ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَقَالَا: يَلْزَمُهُ الْعِشْرُونَ بِدِرْهَمٍ) وَذَكَرَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ قَوْلَ مُحَمَّدٍ مَعَ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٌ لَمْ يَذْكُرْ الْخِلَافَ فِي الْأَصْلِ. لِأَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ أَمَرَهُ بِصَرْفِ الدِّرْهَمِ فِي اللَّحْمِ وَظَنَّ أَنَّ سِعْرَهُ عَشَرَةُ أَرْطَالٍ، فَإِذَا اشْتَرَى بِهِ عِشْرِينَ فَقَدْ زَادَهُ خَيْرًا وَصَارَ كَمَا إذَا وَكَّلَهُ بِبَيْعِ عَبْدِهِ بِأَلْفٍ فَبَاعَهُ بِأَلْفَيْنِ. وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَمَرَهُ بِشِرَاءِ عَشَرَةِ أَرْطَالٍ وَلَمْ يَأْمُرْهُ بِشِرَاءِ الزِّيَادَةِ فَيَنْفُذُ شِرَاؤُهَا عَلَيْهِ وَشِرَاءُ الْعَشَرَةِ عَلَى الْمُوَكِّلِ
بِشِرَاءِ عَشَرَةِ أَرْطَالٍ لَحْمٍ بِدِرْهَمٍ فَاشْتَرَى عِشْرِينَ رِطْلًا بِدِرْهَمٍ، فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ اللَّحْمُ يُبَاعُ مِنْهُ عَشَرَةُ أَرْطَالٍ بِدِرْهَمٍ أَوْ مِمَّا يُبَاعُ مِنْهُ عِشْرُونَ رِطْلًا بِدِرْهَمٍ، فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلَ لَزِمَ الْمُوَكِّلَ مِنْهُ عَشَرَةٌ بِنِصْفِ دِرْهَمٍ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ: وَقَالَا: يَلْزَمُهُ الْعِشْرُونَ. وَذَكَرَ فِي بَعْضِ نُسَخِ الْقُدُورِيِّ قَوْلَ مُحَمَّدٍ مَعَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَمُحَمَّدٌ لَمْ يَذْكُرْ الْخِلَافَ فِي الْأَصْلِ: أَيْ فِي وَكَالَةِ الْمَبْسُوطِ فِي آخِرِ بَابِ الْوَكَالَةِ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ مِنْهُ فَقَالَ فِيهِ: لَزِمَ الْآمِرَ عَشَرَةٌ مِنْهَا بِنِصْفِ دِرْهَمٍ وَالْبَاقِي لِلْمَأْمُورِ.
لِأَبِي يُوسُفَ أَنَّ الْمُوَكِّلَ أَمَرَ الْوَكِيلَ بِصَرْفِ الدِّرْهَمِ فِي اللَّحْمِ وَظَنَّ أَنَّ سِعْرَهُ عَشَرَةُ أَرْطَالٍ، وَالْوَكِيلُ لَمْ يُخَالِفْهُ فِيمَا أَمَرَهُ وَإِنَّمَا جَاءَ ظَنُّهُ مُخَالِفًا لِلْوَاقِعِ، وَلَيْسَ عَلَى الْوَكِيلِ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ لَا سِيَّمَا إذَا زَادَ خَيْرًا وَصَارَ كَمَا إذَا وَكَّلَهُ بِبَيْعِ عَبْدٍ بِأَلْفٍ فَبَاعَهُ بِأَلْفَيْنِ. وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ أَمَرَهُ بِشِرَاءِ عَشَرَةِ أَرْطَالٍ وَلَمْ يَأْمُرْهُ بِشِرَاءِ الزِّيَادَةِ فَظَنَّ أَنَّ ذَلِكَ الْمِقْدَارَ يُسَاوِي دِرْهَمًا وَقَدْ خَالَفَهُ فِيمَا أَمَرَهُ بِهِ فَيَنْفُذُ شِرَاؤُهَا عَلَيْهِ، وَشِرَاءُ الْعَشَرَةِ عَلَى الْمُوَكِّلِ لِأَنَّهُ إتْيَانٌ بِالْمَأْمُورِ بِهِ. وَفِيهِ بَحْثٌ مِنْ وَجْهَيْنِ: الْأَوَّلُ يَجِبُ أَنْ لَا يَلْزَمَ الْآمِرَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ لِأَنَّ الْعَشَرَةَ ثَبَتَتْ ضِمْنًا لِلْعِشْرِينِ إلَّا قَصْدًا وَقَدْ وَكَّلَهُ بِشِرَاءِ عَشَرَةٍ قَصْدًا، وَمِثْلُ هَذَا لَا يَجُوزُ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ. كَمَا إذَا قَالَ لِرَجُلٍ طَلِّقْ امْرَأَتِي وَاحِدَةً فَطَلَّقَهَا ثَلَاثًا لَا تَقَعُ وَاحِدَةٌ لِثُبُوتِهَا فِي ضِمْنِ الثَّلَاثِ. وَالْمُتَضَمَّنِ لَمْ يَثْبُتْ لِعَدَمِ التَّوْكِيلِ بِهِ فَلَا يَثْبُتُ مَا فِي ضِمْنِهِ أَيْضًا تَبَعًا لَهُ. وَالثَّانِي أَنَّهُ إذَا أَمَرَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ ثَوْبًا هَرَوِيًّا بِعَشَرَةٍ فَاشْتَرَى لَهُ هَرَوِيَّيْنِ بِعَشَرَةٍ، كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يُسَاوِي عَشَرَةً. قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَا يَجُوزُ الْبَيْعُ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا: يَعْنِي لَا يَلْزَمُ الْآمِرَ مِنْهُمَا شَيْءٌ، وَالْمَسْأَلَةُ كَالْمَسْأَلَةِ حَذْوَ الْقُذَّةِ بِالْقُذَّةِ.
وَأَجَابَ عَنْ الْأَوَّلِ الْإِمَامُ حُمَيْدُ الدِّينِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute