وَإِذَا امْتَنَعَ الْقِصَاصُ فِي النَّفْسِ وَالْيَمِينُ حَقٌّ مُسْتَحَقٌّ يُحْبَسُ بِهِ كَمَا فِي الْقَسَامَةِ
. قَالَ (وَإِذَا قَالَ الْمُدَّعِي لِي بَيِّنَةٌ حَاضِرَةٌ قِيلَ
كَمَا يُبَاحُ لَهُ أَخْذُ مَالِهِ إذَا قَالَ خُذْ مَالِي.
أَجَابَ بِقَوْلِهِ إلَّا أَنَّهُ لَا يُبَاحُ لِعَدَمِ الْفَائِدَةِ، حَتَّى لَوْ كَانَ الْقَطْعُ مُفِيدًا كَالْقَطْعِ لِلْآكِلَةِ وَقَلْعِ السِّنِّ لِلْوَجَعِ لَمْ يَأْثَمْ بِفِعْلِهِ، وَمَا نَحْنُ فِيهِ مِنْ الْبَذْلِ: أَيْ الَّذِي بِالنُّكُولِ مُفِيدٌ لِانْدِفَاعِ الْخُصُومَةِ بِهِ فَيَكُونُ مُبَاحًا، وَفِيهِ بَحْثٌ مِنْ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَنَّهُ مُنَاقِضٌ لِمَا قَالَ فِي السَّرِقَةِ إنَّ الْقَطْعَ لَا يَثْبُتُ بِالنُّكُولِ. وَالثَّانِي أَنَّ الْخُصُومَةَ تَنْدَفِعُ بِالْأَرْشِ وَهُوَ أَهْوَنُ فَالْمَصِيرُ إلَيْهِ أَوْلَى.
وَأُجِيبَ عَنْ الْأَوَّلِ بِأَنَّ الْأَطْرَافَ يُسْلَكُ بِهَا مَسْلَكَ الْأَمْوَالِ فِي حُقُوقِ الْعِبَادِ، لِأَنَّهُمْ الْمُحْتَاجُونَ إلَيْهَا، فَتَثْبُتُ بِالشُّبُهَاتِ كَالْأَمْوَالِ، وَالْقَطْعُ فِي السَّرِقَةِ خَالِصُ حَقِّ اللَّهِ وَهُوَ لَا يَثْبُتُ بِالشُّبُهَاتِ. وَعَنْ الثَّانِي بِأَنَّ دَفْعَ الْخُصُومَةِ بِالْأَرْشِ إنَّمَا يُصَارُ إلَيْهِ بَعْدَ تَعَذُّرِ مَا هُوَ الْأَصْلُ وَهُوَ الْقِصَاصُ وَلَمْ يَتَعَذَّرْ فَلَا يُعْدَلُ عَنْهُ، فَظَهَرَ مِمَّا ذَكَرْنَا أَنَّ الْبَذْلَ فِي الْأَطْرَافِ جَائِزٌ فَيَثْبُتُ الْقَطْعُ بِهِ وَفِي الْأَنْفُسِ لَيْسَ بِجَائِزٍ فَيَمْتَنِعُ الْقِصَاصُ، وَإِذَا امْتَنَعَ وَالْيَمِينُ حَقٌّ مُسْتَحَقٌّ عَلَيْهِ يُحْبَسُ بِهِ فِيهَا كَمَا فِي الْقَسَامَةِ فَإِنَّهُمْ إذَا نَكَلُوا عَنْ الْيَمِينِ يُحْبَسُونَ حَتَّى يُقِرُّوا أَوْ يَحْلِفُوا.
قَالَ (وَإِذَا قَالَ الْمُدَّعِي لِي بَيِّنَةٌ حَاضِرَةٌ إلَخْ) وَإِذَا قَالَ الْمُدَّعِي لِي بَيِّنَةٌ حَاضِرَةٌ فِي الْمِصْرِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute