لِخَصْمِهِ أَعْطِهِ كَفِيلًا بِنَفْسِك ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ) كَيْ لَا يَغِيبَ نَفْسُهُ فَيَضِيعَ حَقُّهُ وَالْكَفَالَةُ بِالنَّفْسِ جَائِزَةٌ عِنْدَنَا وَقَدْ مَرَّ مِنْ قَبْلُ، وَأَخْذُ الْكَفِيلِ بِمُجَرَّدِ الدَّعْوَى اسْتِحْسَانٌ عِنْدَنَا لِأَنَّ فِيهِ نَظَرًا لِلْمُدَّعِي وَلَيْسَ فِيهِ كَثِيرُ ضَرَرٍ بِالْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَهَذَا لِأَنَّ الْحُضُورَ مُسْتَحَقٌّ عَلَيْهِ بِمُجَرَّدِ الدَّعْوَى حَتَّى يُعَدَّى عَلَيْهِ وَيُحَالُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَشْغَالِهِ فَصَحَّ التَّكْفِيلُ بِإِحْضَارِهِ وَالتَّقْدِيرُ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مَرْوِيٌّ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ ﵀، وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَلَا فَرْقَ فِي الظَّاهِرِ بَيْنَ الْخَامِلِ وَالْوَجِيهِ
فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مُقِيمًا أَوْ مُسَافِرًا، فَإِنْ كَانَ مُقِيمًا قِيلَ لَهُ أَعْطِهِ كَفِيلًا عَنْ نَفْسِك ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، فَإِنْ فَعَلَ وَإِلَّا أُمِرَ بِمُلَازَمَتِهِ. أَمَّا جَوَازُ الْكَفَالَةِ بِالنَّفْسِ عِنْدَنَا فَقَدْ تَقَدَّمَ.
وَأَمَّا جَوَازُ التَّكْفِيلِ فَهُوَ اسْتِحْسَانٌ، وَالْقِيَاسُ يَأْبَاهُ قَبْلَ إقَامَةِ الْحُجَّةِ. وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الْحُضُورَ بِمُجَرَّدِ الدَّعْوَى مُسْتَحَقٌّ عَلَيْهِ حَتَّى لَوْ امْتَنَعَ عَنْهُ يُعْدَى عَلَيْهِ وَيُحَالُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَشْغَالِهِ فَيَصِحُّ التَّكْفِيلُ بِإِحْضَارِهِ نَظَرًا لِلْمُدَّعِي وَضَرَرُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِهِ يَسِيرٌ فَيُتَحَمَّلُ كَالْإِعْدَاءِ وَالْحَيْلُولَةُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَشْغَالِهِ. وَأَمَّا التَّقْدِيرُ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَمَرْوِيٌّ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ مِنْ غَيْرِ فَرْقٍ بَيْنَ الْوَجِيهِ وَالْخَامِلِ وَالْخَطِيرِ مِنْ الْمَالِ وَالْحَقِيرِ مِنْهُ هُوَ الصَّحِيحُ. وَرُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ قَالَ: إذَا كَانَ مَعْرُوفًا وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَخْفَى شَخْصُهُ بِذَلِكَ الْقَدْرِ لَا يُجْبَرُ عَلَى ذَلِكَ، وَإِنْ سَمَحَتْ نَفْسُهُ بِذَلِكَ يُؤْخَذُ، وَكَذَا إذَا كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ حَقِيرًا لَا يُخْفِي الْمَرْءُ نَفْسَهُ بِذَلِكَ لَا يُجْبَرُ عَلَيْهِ، وَأَمَّا الْأَمْرُ بِالْمُلَازَمَةِ فَلِئَلَّا يَضِيعَ حَقُّهُ، فَإِنْ قَالَ الْمُدَّعِي لَا بَيِّنَةَ لِي أَوْ شُهُودِي غُيَّبٌ لَا يَكْفُلُ لِعَدَمِ الْفَائِدَةِ، لِأَنَّ الْفَائِدَةَ هُوَ الْحُضُورُ عِنْدَ حُضُورِ الشُّهُودِ وَذَلِكَ فِي الْهَالِكِ مُحَالٌ، وَالْغَائِبُ كَالْهَالِكِ مِنْ وَجْهٍ، إذْ لَيْسَ كُلُّ غَائِبٍ يَئُوبُ، وَإِنْ كَانَ مُسَافِرًا فَالْكَفَالَةُ وَالْمُلَازَمَةُ يُقَدَّرَانِ بِمِقْدَارِ مَجْلِسِ الْقَاضِي، إذْ لَيْسَ فِيهِ كَبِيرُ ضَرَرٍ، وَفِي الزِّيَادَةِ عَلَى ذَلِكَ زِيَادَةُ ضَرَرٍ لِمَنْعِهِ عَنْ السَّفَرِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute