بِخِلَافِ مَا إِذَا بَدَأَ بِأَدَاءِ خَمْسِمِائَةٍ لِأَنَّ الْإِبْرَاءَ حَصَلَ مَقْرُونًا بِهِ، فَمِنْ حَيْثُ إِنَّهُ لَا يَصْلُحُ عِوَضًا يَقَعُ مُطْلَقًا، وَمِنْ حَيْثُ إِنَّهُ يَصْلُحُ شَرْطًا لَا يَقَعُ مُطْلَقًا فَلَا يَثْبُتُ الْإِطْلَاقُ بِالشَّكِّ فَافْتَرَقَا. وَالرَّابِعُ إِذَا قَالَ أَدِّ إِلَيَّ خَمْسَمِائَةٍ عَلَى أَنَّكَ بَرِيءٌ مِنَ الْفَضْلِ وَلَمْ يُؤَقِّتْ لِلْأَدَاءِ وَقْتًا. وَجَوَابُهُ أَنَّهُ يَصِحُّ الْإِبْرَاءُ وَلَا يَعُودُ الدَّيْنُ لِأَنَّ هَذَا إِبْرَاءٌ مُطْلَقٌ، لِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يُؤَقِّتْ لِلْأَدَاءِ وَقْتًا لَا يَكُونُ الْأَدَاءُ غَرَضًا صَحِيحًا لِأَنَّهُ وَاجِبٌ عَلَيْهِ فِي مُطْلَقِ الْأَزْمَانِ فَلَمْ يَتَقَيَّدْ بَلْ يُحْمَلُ عَلَى الْمُعَاوَضَةِ وَلَا يَصْلُحُ عِوَضًا، بِخِلَافٍ مَا تَقَدَّمَ لِأَنَّ الْأَدَاءَ فِي الْغَدِ غَرَضٌ صَحِيحٌ. وَالْخَامِسُ إِذَا قَالَ إِنْ أَدَّيْتَ إِلَيَّ خَمْسَمِائَةٍ أَوْ قَالَ إِذَا أَدَّيْتَ أَوْ مَتَى أَدَّيْتَ.
فَالْجَوَابُ فِيهِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ الْإِبْرَاءُ لِأَنَّهُ عَلَّقَهُ بِالشَّرْطِ صَرِيحًا، وَتَعْلِيقُ الْبَرَاءَاتِ بِالشُّرُوطِ بَاطِلٌ لِمَا فِيهَا مِنْ مَعْنَى التَّمْلِيكِ حَتَّى يَرْتَدَّ بِالرَّدِّ، بِخِلَافِ مَا تَقَدَّمَ لِأَنَّهُ مَا أَتَى بِصَرِيحِ الشَّرْطِ فَحُمِلَ عَلَى التَّقْيِيدِ بِهِ.
قَالَ (وَمَنْ قَالَ لِآخَرَ لَا أُقِرُّ لَكَ بِمَالِكَ حَتَّى تُؤَخِّرَهُ عَنِّي أَوْ تَحُطَّ عَنِّي فَفَعَلَ جَازَ عَلَيْهِ) لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمُكْرَهٍ، وَمَعْنَى الْمَسْأَلَةِ إِذَا قَالَ ذَلِكَ سِرًّا، أَمَّا إِذَا قَالَ عَلَانِيَةً يُؤْخَذُ بِهِ.
وَمَنْ قَالَ لِآخَرَ لَا أُقِرُّ لَك بِمَا لَك عَلَيَّ حَتَّى تُؤَخِّرَهُ عَنِّي أَوْ تَحُطَّ عَنِّي بَعْضَهُ فَفَعَلَ) أَيْ أَخَّرَ أَوْ حَطَّ (جَازَ عَلَيْهِ) أَيْ نَفَذَ هَذَا التَّصَرُّفُ عَلَى رَبِّ الدَّيْنِ فَلَا يَتَمَكَّنُ مِنْ الْمُطَالَبَةِ فِي الْحَالِ إنْ أَخَّرَ وَأَبَدًا إنْ حَطَّ (لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمُكْرَهٍ) لِتَمَكُّنِهِ مِنْ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ أَوْ التَّحْلِيفِ.
لَا يُقَالُ: هُوَ مُضْطَرٌّ فِيهِ لِأَنَّهُ إنْ لَمْ يَفْعَلْ لَمْ يُقِرَّ، لِأَنَّ تَصَرُّفُ الْمُضْطَرِّ كَتَصَرُّفِ غَيْرِهِ، فَإِنَّ مَنْ بَاعَ عَيْنًا بِطَعَامٍ يَأْكُلُهُ لِجُوعٍ قَدْ اُضْطُرَّ بِهِ كَانَ بَيْعُهُ نَافِذًا (وَمَعْنَى الْمَسْأَلَةِ إذَا قَالَ ذَلِكَ سِرًّا، أَمَّا إذَا قَالَ عَلَانِيَةً يُؤْخَذُ) الْمُقِرُّ (بِجَمِيعِ الْمَالِ) فِي الْحَالِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute