للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ الْعَبْدُ الضَّعِيفُ: وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ عَلَى وُجُوهٍ: أَحَدُهَا مَا ذَكَرْنَاهُ. وَالثَّانِي إِذَا قَالَ صَالَحْتُكَ مِنَ الْأَلْفِ عَلَى خَمْسِمِائَةٍ تَدْفَعُهَا إِلَيَّ غَدًا وَأَنْتَ بَرِيءٌ مِنَ الْفَضْلِ عَلَى أَنَّكَ إِنْ لَمْ تَدْفَعْهَا إِلَيَّ غَدًا فَالْأَلْفُ عَلَيْكَ عَلَى حَالِهِ.

وَجَوَابُهُ: أَنَّ الْأَمْرَ عَلَى مَا قَالَ؛ لِأَنَّهُ أَتَى بِصَرِيحِ التَّقْيِيدِ فَيُعْمَلُ بِهِ. وَالثَّالِثُ إِذَا قَالَ: أَبْرَأْتُكَ مِنْ خَمْسِمِائَةٍ مِنَ الْأَلْفِ عَلَى أَنْ تُعْطِيَنِي الْخَمْسَمِائَةِ غَدًا وَالْإِبْرَاءُ فِيهِ وَاقِعٌ أَعْطَى الْخَمْسَمِائَةِ أَوْ لَمْ يُعْطِ لِأَنَّهُ أَطْلَقَ الْإِبْرَاءَ أَوَّلًا، وَأَدَاءُ الْخَمْسِمِائَةِ لَا يَصْلُحُ عِوَضًا مُطْلَقًا، وَلَكِنَّهُ يَصْلُحُ شَرْطًا، فَوَقَعَ الشَّكُّ فِي تَقْيِيدِهِ بِالشَّرْطِ فَلَا يَتَقَيَّدُ بِهِ،

بِالْإِبْرَاءِ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ بَدَأَ بِحَرْفِ الشَّرْطِ أَوْ لَا، فَإِنْ لَمْ يَبْدَأْ فَالْوَجْهُ الرَّابِعُ وَإِنْ بَدَأَ فَهُوَ الْخَامِسُ.

أَمَّا الْوَجْهُ الْأَوَّلُ فَقَدْ ذَكَرْنَاهُ، وَالْوَجْهُ الثَّانِي ظَهَرَ مِمَّا تَقَدَّمَ، وَالثَّالِثُ وَهُوَ الْمَوْعُودُ بِاسْتِخْرَاجِ الْجَوَابِ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الثَّابِتَ أَوَّلًا لَا يَزُولُ بِالشَّكِّ، فَإِذَا قُدِّمَ الْإِبْرَاءُ حَصَلَ مُطْلَقًا ثُمَّ بِذِكْرِ مَا بَعْدَهُ وَقَعَ الشَّكُّ، لِأَنَّهُ إنْ كَانَ عِوَضًا فَهُوَ بَاطِلٌ لِمَا تَقَدَّمَ فَلَمْ يَزُلْ بِهِ الْإِطْلَاقُ، وَإِنْ كَانَ شَرْطًا يُقَيَّدُ بِهِ وَزَالَ الْإِطْلَاقُ، فَإِذَا وَقَعَ الشَّكُّ لَمْ يَبْطُلْ بِهِ الثَّابِتُ أَوَّلًا، وَفِي عَكْسِهَا عَكْسُ ذَلِكَ.

وَالرَّابِعُ وَجْهُهُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يُؤَقِّتْ لِلْأَدَاءِ وَقْتًا ظَهَرَ أَنَّ أَدَاءَ الْبَعْضِ لَمْ يَكُنْ لِغَرَضٍ لِكَوْنِهِ وَاجِبًا فِي مُطْلَقِ الْأَزْمَانِ فَلَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ فِي مَعْنَى الشَّرْطِ لِيَحْصُلَ بِهِ التَّقْيِيدُ فَلَمْ يَبْقَ إلَّا جِهَةُ الْعِوَضِ، وَهُوَ غَيْرُ صَالِحٍ لِذَلِكَ كَمَا تَقَدَّمَ.

وَالْخَامِسُ تَعْلِيقٌ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْإِبْرَاءَ لَا يَحْتَمِلُهُ فَلَا يَكُونُ صَحِيحًا

<<  <  ج: ص:  >  >>