ثُمَّ لِلرُّجُوعِ مَوَانِعُ ذَكَرَ بَعْضَهَا فَقَالَ (إلَّا أَنْ يُعَوِّضَهُ عَنْهَا) لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ (أَوْ تَزِيدَ زِيَادَةً مُتَّصِلَةً)؛ لِأَنَّهُ لَا وَجْهَ إلَى الرُّجُوعِ فِيهَا دُونَ الزِّيَادَةِ؛ لِعَدَمِ الْإِمْكَانِ وَلَا مَعَ الزِّيَادَةِ؛ لِعَدَمِ دُخُولِهَا تَحْتَ الْعَقْدِ.
«الْعَائِدُ فِي هِبَتِهِ كَالْكَلْبِ يَقِيءُ ثُمَّ يَعُودُ» حَيْثُ شَبَّهَهُ بِعَوْدِ الْكَلْبِ فِي قَيْئِهِ، وَفِعْلُهُ لَا يُوصَفُ بِالْحُرْمَةِ.
(ثُمَّ لِلرُّجُوعِ مَوَانِعُ ذَكَرَ بَعْضَهَا) يَعْنِي الْقُدُورِيَّ، وَقَدْ جَمَعَهَا الْقَائِلُ فِي قَوْلِهِ:
مَوَانِعُ الرُّجُوعِ فِي فَصْلِ الْهِبَهْ … يَا صَاحِبِي حُرُوفُ دَمْعِ خُزُقَهْ
فَالدَّالُ الزِّيَادَةُ، وَالْمِيمُ مَوْتُ الْوَاهِبِ أَوْ الْمَوْهُوبِ لَهُ، وَالْعَيْنُ الْعِوَضُ، وَالْخَاءُ خُرُوجُ الْهِبَةِ عَنْ مِلْكِ الْمَوْهُوبِ لَهُ، وَالزَّايُ الزَّوْجِيَّةُ، وَالْقَافُ الْقَرَابَةُ، وَالْهَاءُ هَلَاكُ الْمَوْهُوبِ. وَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ (فَقَالَ إلَّا أَنْ يُعَوِّضَهُ عَنْهَا لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ أَوْ تَزِيدَ زِيَادَةً مُتَّصِلَةً) وَلَا بُدَّ مِنْ قَيْدٍ آخَرَ وَهُوَ أَنْ يُقَالَ: تُورَثُ زِيَادَةً فِي قِيمَةِ الْمَوْهُوبِ، أَمَّا اشْتِرَاطُ الزِّيَادَةِ فَلِأَنَّ النُّقْصَانَ لَا يَمْنَعُ الرُّجُوعَ، وَأَمَّا اشْتِرَاطُ الِاتِّصَالِ فَلِأَنَّ الْمُنْفَصِلَةَ لَا تَمْنَعُ، فَإِنَّ الْجَارِيَةَ الْمَوْهُوبَةَ إذَا وَلَدَتْ كَانَ لِلْوَاهِبِ الرُّجُوعُ وَإِنَّمَا مَنَعَتْ الْمُتَّصِلَةَ (لِأَنَّهُ لَا وَجْهَ لِلرُّجُوعِ فِيهَا دُونَ الزِّيَادَةِ لِعَدَمِ إمْكَانِ الْفَصْلِ، وَلَا مَعَهَا لِعَدَمِ دُخُولِهَا تَحْتَ الْعَقْدِ) وَأَمَّا اشْتِرَاطُ كَوْنِهَا مُؤَثِّرَةً فِي زِيَادَةِ الْقِيمَةِ فَلِأَنَّهَا لَوْ لَمْ تَكُنْ كَذَلِكَ عَادَتْ نُقْصَانًا، فَرُبَّ زِيَادَةٍ صُورَةً كَانَتْ نُقْصَانًا فِي الْمَعْنَى كَالْإِصْبَعِ الزَّائِدَةِ مَثَلًا، وَطُولِبَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute