للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إلَّا أَنَّ فِي الْأَوْقَافِ لَا تَجُوزُ الْإِجَارَةُ الطَّوِيلَةُ كَيْ لَا يَدَّعِيَ الْمُسْتَأْجِرُ مِلْكَهَا وَهِيَ مَا زَادَ عَلَى ثَلَاثِ سِنِينَ هُوَ الْمُخْتَارُ. قَالَ: (وَتَارَةً تَصِيرُ مَعْلُومَةً بِنَفْسِهِ كَمَنْ اسْتَأْجَرَ رَجُلًا عَلَى صَبْغِ ثَوْبِهِ أَوْ خِيَاطَتِهِ أَوْ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً؛ لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا مِقْدَارًا مَعْلُومًا أَوْ يَرْكَبَهَا مَسَافَةً سَمَّاهَا)؛ لِأَنَّهُ إذَا بَيَّنَ الثَّوْبَ وَلَوْنَ الصَّبْغِ وَقَدْرَهُ وَجِنْسَ الْخِيَاطَةِ وَالْقَدْرَ الْمَحْمُولَ وَجِنْسَهُ وَالْمَسَافَةَ صَارَتْ الْمَنْفَعَةُ مَعْلُومَةً فَيَصِحُّ الْعَقْدُ،

فِي مُدَّةٍ يَعِيشُ إلَيْهَا الْإِنْسَانُ غَالِبًا وَلَمْ يُعْتَبَرْ، كَمَا إذَا تَزَوَّجَ امْرَأَةً إلَى مِائَةِ سَنَةٍ فَإِنَّهُ مُتْعَةٌ وَلَمْ يُجْعَلْ بِمَنْزِلَةِ التَّأْبِيدِ لِيَصِحَّ النِّكَاحُ وَإِنْ كَانَ لَا يَعِيشُ إلَى هَذِهِ الْمُدَّةِ غَالِبًا وَجُعِلَ ذَلِكَ نِكَاحًا مُؤَقَّتًا اعْتِبَارًا لِلصِّيغَةِ (قَوْلُهُ إلَّا أَنَّ فِي الْأَوْقَافِ) يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ اسْتِثْنَاءً مِنْ قَوْلِهِ: أَيَّ مُدَّةٍ كَانَتْ، وَإِنَّمَا لَا تَجُوزُ فِي الْأَوْقَافِ الْإِجَارَةُ إلَى مُدَّةٍ طَوِيلَةٍ وَهِيَ مَا زَادَتْ عَلَى ثَلَاثِ سِنِينَ هُوَ الْمُخْتَارُ كَيْ لَا يَدَّعِيَ الْمُسْتَأْجِرُ مِلْكَهَا، هَذَا إذَا لَمْ يَشْتَرِطْ الْوَاقِفُ أَنْ لَا يُؤَاجِرَ أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ، وَأَمَّا إذَا شَرَطَ فَلَيْسَ لِلْمُتَوَلِّي أَنْ يَزِيدَ عَلَى ذَلِكَ، فَإِنْ كَانَتْ مَصْلَحَةُ الْوَقْفِ تَقْتَضِي ذَلِكَ يُرْفَعُ إلَى الْحَاكِمِ حَتَّى يَحْكُمَ بِجَوَازِهَا. (وَتَارَةً تَصِيرُ مَعْلُومَةً بِنَفْسِهِ) أَيْ بِنَفْسِ عَقْدِ الْإِجَارَةِ كَمَا إذَا اسْتَأْجَرَ رَجُلًا عَلَى صَبْغِ ثَوْبِهِ وَبَيَّنَ الثَّوْبَ وَلَوْنَ الصَّبْغِ وَقَدْرِهِ، أَوْ اسْتَأْجَرَ خَيَّاطًا عَلَى خِيَاطَةِ ثَوْبِهِ وَبَيْنَ الثَّوْبِ وَجِنْسِ الْخِيَاطَةِ، أَوْ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً لِلْحَمْلِ أَوْ الرُّكُوبِ وَبَيَّنَ جِنْسَ الْمَحْمُولِ وَقَدْرِهِ وَالْمَسَافَةَ وَتَارَةً تَصِيرُ مَعْلُومَةً بِالتَّعْيِينِ وَالْإِشَارَةِ كَمَا ذُكِرَ فِي الْكِتَابِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>